شؤون أسرى- غزة بوست
هيئة الأسرى تنشر تقريراً تفصيلياً حول واقع الأسرى والمعتقلين داخل السجون وأبرز الانتهاكات بحقهم خلال أيار الماضي
نشرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين عبر تقريرها التفصيلي، آخر المستجدات حول واقع الأسرى والمعتقلين داخل سجون الاحتلال، وأبرز الانتهاكات المنفذة بحقهم خلال شهر أيار/مايو المنصرم.
ووفقاً لتقارير الرصد والمتابعة فقد بلغت الحصيلة الإجمالية للاعتقالات خلال الشهر الماضي ما يقارب (530) مواطن/ة كانت غالبيتها من القدس العاصمة وأحيائها، في حين بلغت عدد أوامر الاعتقال الإداري الصادرة في الشهر ذاته 157 أمراً من بينها 82 أمر جديد، و 75 أمر تمديد.
ويعتقل الاحتلال داخل سجونه حتى نهاية أيار/مايو 2022، نحو (4600) أسيراً ، من بينهم (31) أسيرة، و (172) طفلاً، و (682) معتقلاً إداراياً، و (500) أسير مريض، و (551) أسير يقضون حكماً بالسجن المؤبد، بالإضافة إلى (214) أسيراً مضى على اعتقالهم 20 عاماً فأكثر وهؤلاء يُطلق عليهم “قدماء الأسرى”.
وفيما يلي تسليط على أبرز السياسات والإجراءات التعسفية التي مارستها سلطات الاحتلال بحق الأسرى ورصدها تقرير الهيئة خلال شهر أيار :
· حملة اعتقالات شرسة وتصاعد حدة المواجهة والمقاومة
· اعتقالات القدس في أيار.. أبارتهايد منظم
· الأسيرات والمعتقلون القُصر حكاية ألم متواصلة
· الأسرى المرضى … جريمة الموت البطيء في سجون الاحتلال
· ارتفاع قائمة أسرى المؤبدات لتصل إلى (551) أسيراً
· الاعتقال الإداري وسيلة للعقاب الجماعي
· شهداء الحركة الأسيرة (228) دولاب لا يتوقف
· نفق جلبوع .. بطولة كسرت منظومة الأمن الإسرائيلية
· الأسير أحمد مناصرة شاهد حي على بطش الاحتلال
· قائمة قدامى الأسرى بتصاعد مستمر
· معاناة أسرى قطاع غزة
يذكر بأن التقرير صدر باللغتين العربية والانجليزية وملخص باللغة الفرنسية
أدناه التقرير باللغة العربية
حملة اعتقالات شرسة وتصاعد حدة المواجهة والمقاومة
شهد شهر أيار الماضي تصاعداً لوتيرة الاعتداءات الهمجية لجيش الاحتلال ومستوطنيه بمختلف الأراضي الفلسطينية، وتمادياً واضحاً بارتكاب الجرائم وتدنيس لباحات المسجد الأقصى المبارك، عدا عن تنفيذه حملة اعتقالات تُعتبر الأكثر شراسة شنها بمختلف المدن الفلسطينية وقُراها، فلم تسلم حتى مراسم التشييع لشهداء ارتقوا خلال الفترة الماضية، من شن حملات اعتقال تعسفية طالت العديد من المواطنين، ومن تنفيذ عمليات قمع ومهاجمة لنعوش الشهداء، بشكل يخالف كافة الشرائع الدينية والسماوية، ودون مراعاة لمشاعر الحزن التي تُخيم على نفوس أبناء الشعب الفلسطيني وحُرمة الموت.
فخلال مراسم تشييع الصحفية الإعلامية شيرين أبو عاقلة والتي ارتقت بتاريخ 11 أيار الماضي، تعمد جيش الاحتلال مهاجمة نعش الشهيدة والاعتداء على المشاركين بالتشييع لجثمانها بالضرب واعتقال 14 مواطناً شاركوا بالمراسم، كذلك خلال تشييع شهيد الأقصى وليد الشريف يوم 16 من الشهر ذاته، جرى اعتقال أكثر من (50) شاباً وفتى أثناء المواجهات العنيفة التي اندلعت بين المقدسيين وجيش الاحتلال، وتعرض العديد منهم للاعتداء والتنكيل أثناء توقيفهم واقتيادهم إلى مراكز التحقيق، وهناك من تم استجوابه وتمديد اعتقاله لفترات متفاوتة.
بالإضافة إلى العمليات العسكرية التي نفذها الاحتلال على مدار الشهر الماضي في العديد من مدن الضفة الغربية، لا سيما مخيم جنين والذي يُشكل حالة نضال لا تنتهي، وبلدة حوارة جنوبي مدينة نابلس والتي انضمت إلى خط المواجهة حديثاً مع تصاعد عربدة المستوطنين واعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي على أهالي البلدة واستفزازهم، وقد رافق هذه العمليات العسكرية حملة مداهمات واعتقالات واسعة طالت مئات المواطنين من مختلف الفئات العمرية والشرائح الاجتماعية من أطفال ونساء وشبان وكبار السن ومرضى، وأسرى محررين.
وتلجأ سلطات الاحتلال إلى انتهاج سياسات وإجراءات تعسفية خلال حملات الاعتقال من بينها استخدام القوة المفرطة والتنكيل الشديد بحق الفلسطينيين أثناء الاعتقال، كذلك تنفيذها لسياسة العقاب الجماعي، ففي كثير من الأحيان تطال الاعتقالات عائلة بأكملها ولا تستثني النساء والأطفال، وذلك بهدف الانتقام من المعتقل والتنغيص عليه هو وعائلته، لاستهداف صموده على الأرض.
وقد بلغت الحصيلة الإجمالية للاعتقالات خلال أيار/مايو الماضي (530) مواطن/ة، كانت غالبيتها في القدس العاصمة وأحيائها.
اعتقالات القدس في أيار.. أبارتهايد منظم
إن ما تشهده المدينة المقدسة لا يحمل إلا عنواناً واحداً، وهو التصميم الإسرائيلي في المضي بالعمل من خلال سياسة التطهير ( الأبارتهايد )، المبني على أُسس عنصرية إجرامية، هدفها تهويد عاصمة الدولة الفلسطينية وتفريغها من أصحابها الشعب العربي الفلسطيني.
ومن خلال تتبع الأحداث وتوثيقها منذ بداية العام الحالي، نلمس مدى تصاعد الهجمة في القدس، والتي تستهدف الأرض والإنسان، فعلى صعيد الاقتحامات والمداهمات للأماكن المقدسة، شهد العالم بأسره هذه الهجمة البربرية، من تدنيس للمساجد والكنائس وتخريب وعبث بالمحتويات، واستخدام الأسلحة النارية وغاز الفلفل والمسيل للدموع بحق المتعبدين والمرابطين فيها.
أما الاعتقالات خلال أيار المنصرم فكانت مختلفة بأسلوبها وعُنفها وتطرفها، وتُشير بيانات هيئة الأسرى ومصادرها إلى تسجيل (336) حالة اعتقال بين صفوف المقدسيين، تعرضوا خلالها للضرب بأعقاب البنادق والهراوات والسحل على الأرض على يد شرطة وجنود الاحتلال ووحداته الخاصة.
وبجهود من طاقم محاميّ الهيئة والطواقم القانونية في العديد من المؤسسات العاملة في مجال الأسرى وحقوق الإنسان، تم الافراج عن عدد كبير منهم بغرامات وكفالات مالية، وبُذلت جهود عظيمة لعدم تضمين لوائح الاتهام قرارات إبعاد عن المدينة، وسُجلت نجاحات في الكثير من الملفات.
ولا بد من الاشارة إلى أن الهيئة عززت الطاقم القانوني التابع لها في المدينة المقدسة بأربع محامين خلال الشهرين الماضيين، ويعملون ضمن حالة طوارئ على مدار الساعة.
الأسيرات والمعتقلون القُصر حكاية ألم متواصلة
من المؤكد أن الأسيرات والأسرى القُصر ( الأطفال )، من أكثر الفئات خصوصية وحساسية داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية، وذلك لمجموعة من الأسباب تتمثل في: المكانة والوضعية الدينية والاجتماعية للمرأة الفلسطينية وارتباطها بعادات وتقاليد المجتمع، وصغر سن الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم الثامنة عشرة، وضعف بنيتهم الجسدية، وعدم نضوجهم بالشكل الذي يجعلهم قادرين على مواجهة الاعتقال وما يتفرع عنه من تحقيق ومحاكمات وتنكيل، وغيرها من الأسباب التي تعطيهما مكانة خاصة عن غيرهم من الأسرى والمعتقلين.
ولا زالت سلطات الاحتلال الاسرائيلية تحتجز في سجن “الدامون” المميت (31) أسيرة، يعشن أوضاعاً حياتية صعبة ومعقدة، وذلك جراء السياسات المتبعة من إدارة سجون الاحتلال، والتي تعمل جاهدة على تكييف كل الظروف في سبيل التأثير على الوضع النفسي للأسيرات، واستهداف استقرارهن اليومي، من خلال المساس بكافة حقوقهن الأساسية، كتقييد حريتهن في “الفورة” بنصب الكاميرات، والتحكم بمياه الشرب والاستحمام من حيث الوقت والوفرة والكمية، وحرمانهن من التواصل مع العالم الخارجي ومع أُسرهن، وعدم السماح لهن بالدراسة وإكمال تعليمهن، وسحب العشرات من أصناف المواد الغذائية من “الكانتينا”، وغيرها الكثير من الحرمان والمساس بالحقوق.
كما يعشن الأسيرات أوضاع صحية صعبة ومقلقة، ويُحرمن من العلاج والأدوية، ويتم مساومتهن من قبل الإدارة على حبة المسكن التي تقدم لهن في غالب الأحيان كبديل للعلاج، وتبقى حالة الأسيرة المريضة إسراء جعابيص الأخطر بينهن، حيث تعاني من حروق خطيرة من الدرجة الثالثة والرابعة، وفقدت أصابع يديها، وتظهر الحروق على كافة أنحاء جسدها، ومنذ اليوم الأول لاعتقالها وهي تعاني، وتُترك فريسة للأوجاع والآلام، حيث تُعتبر من الحالات المرضية الخطيرة والحرجة، وبالرغم من إخضاعها لبعض العمليات الجراحية، إلا أنها بحاجة اليوم للعديد من العمليات العلاجية والتجميلية، والتي تمكنها من التغلب على الحروق الصعبة في كافة أنحاء جسدها، كما أنها بحاجة إلى لباس خاص وظيفته التكيف مع جسدها المنهك من الحروق، وهذا اللباس متوفر في دولة ألمانيا، وهناك جاهزية لإحضاره، إلا أن إدارة السجون وبتعليمات من حكومة الاحتلال ترفض ذلك، كما أن هناك مماطلة أقرب إلى الرفض باستكمال علاجها، مما يجعل معاناتها حاضرة على مدار 24 ساعة يومياً.
أما القُصر ( الأطفال ) الشاهد الحي على مدى إجرام وإرهاب هذا الاحتلال، الذي يُحرك جيشه وآلياته بالعشرات لاعتقال طفل لم يصل للثامنة عشرة من عمره، وفي بعض الأحيان يُعتقل أطفال بأعمار صغيرة تترواح أعمارهم ما بين 10 أعوام و11 عاماً، دون أن تُراعى طفولتهم، ويتم إخضاعهم للتحقيق والمحاكمات بشكل مخالف لكل الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي نصت بوضوح على قداسة هذه الفئة.
ولا زال يُحتجز في سجون الاحتلال ( عوفر، مجيدو، الدامون ) (172) طفلاً، جميعهم تقل أعمارهم عن السن القانوني للطفولة، وتعمل سلطات الاحتلال وأدواتها على قتل هذه الطفولة ومحاولة ردعها، لكن الحقيقة المؤكدة بأن هذه الأجيال تعشق الحرية والحياة أكثر من غيرهم، والحل الوحيد لديهم أن يرحل هذا الاحتلال وأن يترك لهم طفولتهم ووطنهم، ليعيشوا فيه كيفما يشاءون، بأمان واستقرار كما أطفال العالم.
الأسرى المرضى … جريمة الموت البطيء في سجون الاحتلال
يعيش الأسرى الفلسطينيون داخل السجون الإسرائيلية أوضاعاً صحية استثنائية؛ فهم يتعرضون لجملة من الانتهاكات الطبية التي تُمارسها سطات الاحتلال بحقهم، والتي يصب معظمها في ترسيخ سياسة الإهمال الطبي المتعمد، كالمماطلة في تقديم العلاج والحرمان منه، وسوء التشخيص وارتكاب الأخطاء الطبية، كذلك التسويف بإجراء العمليات الجراحية العاجلة لكثير من الحالات المرضية والإصابات بشكل يتنافى مع أخلاقيات مهنة الطب؛ الأمر الذي تسبب في وفاة العديد من الأسرى المرضى والمصابين وارتقائهم شهداء داخل الأسر أو بعد انتهاء فترة اعتقالهم.
وقد بلغ عدد الأسرى المرضى مع نهاية شهر أيار الماضي قرابة الـ 500 أسير- وفقاً لآخر تحديث من قبل الطاقم القانوني في هيئة الأسرى، والذي كان على مدار الشهرين الماضيين- ومن بينهم (70) حالة مرضية مستعصية بحاجة للعلاج الدائم والمتابعة والرعاية الصحية، لا سيما الأسرى المصابين بمرض السرطان والأورام وعددهم (22) أسيراً، أبرزهم الأسير ناصر أبو حميد الذي يُعد مثالاً حياً وشاهداً على الاهمال الطبي و سياسة القتل، في حين بلغ عدد الأسرى الذين يعانون من أمراض الكلى (11) أسيراً، إلى جانب (38) أسيراً من ذوي الإعاقة الجسدية والنفسية والبصرية، منهم 8 أسرى يعانون من شلل نصفي و إعاقات حركية ( كالأسير محمد براش، ناهض الأقرع، منصور موقدة، خالد الشاويش)، والمرضى كبار السن أبرزهم (موفق العروق، فؤاد الشوبكي، سمير أبو نعمة، وليد دقة)، والأسيرة إسراء جعابيص تعاني الأمرين نتيجة الحروق التي تغطي معظم جسدها كما فقدت 8 من أصابع يديها، في ظل مماطلة متعمدة لعلاجها.
بالإضافة إلى العديد من المعتقلين الجرحى الذين أُصيبوا بنيران جيش الاحتلال خلال الشهر ذاته، بعد استهدافهم بشكل مباشر سواء بالاعتداء عليهم بالضرب بالهراوات وأعقاب البنادق، أو إطلاق الرصاص وقنابل الغاز والمطاط تجاهم، مما أدى إلى إصابة العديد منهم بإصابات بليغة، كحال الأسرى الشبان محمد عودة (18 عاماً) / رام الله، وعبادة قنيص (21 عاماً) من مخيم عايدة/ بيت لحم، ومحمد أبو صبرة/ نابلس، ومراد بركات (28 عاماً)/ القدس، و غيرهم من الجرحى، ولا يزالوا بحاجة لرعاية طبية لأوضاعهم الصحية الصعبة.
عيادات السجون…معاناة مضاعفة
تفتقر العيادات الموجودة في سجون الاحتلال لوجود طاقم طبي متخصص ومهني لمتابعة الحالات المرضية خاصة المستعصية منها، وهناك تباطؤ في تعيين مواعيد المراجعات الدورية الطبية والصحية، كما أن سجن “الدامون” المخصص للأسيرات يفتقر لوجود طبيبة نسائية تُشرف على فحوصات دورية للنساء، على الرغم من الجهود التي بُذلت من قبل العديد من المؤسسات الحقوقية والعاملة بمجال الأسرى للمطالبة بضرورة توفير طبيبة نسائية بشكل دائم في عيادة السجن، إلا أن إدارة سجون الاحتلال ما زالت ترفض حتى إدخال طبيبة نسائية من خارج السجن.
أما فيما يخص “عيادة سجن الرملة”، فهي مكان مخصص لصناعة الموت، حيث تفتقر للحد الأدنى من المقومات المعيشة الإنسانية، فالعيادة عبارة عن سجن قديم وغير مهيأ للأسرى المرضى، ولا يصلح هذا المكان لمعاينة وتشخيص ومعالجة الحالات المرضية المتعددة.
ويقبع في العيادة حالياً 20 أسيراً، ما بين مرضى يقيمون بشكل دائم داخل العيادة ومصابين جرى نقلهم حديثاً إليها بالاضافة إلى أسيرين يقومين بمساعدة زملائهم الأسرى المرضى في تلبية احتياجاتهم ، ولا بد من الإشارة بأن غالبية الأسرى المرضى المحتجزين بالعيادة من ذوي الاحتياجات الخاصة لا تتوفر لهم أدوات ولا حمامات تُناسب وضعهم، وحتى نوعية الطعام المقدمة لهم لا تتناسب مع وضعهم الصحي، عدا عن أن إدارة معتقلات الاحتلال لا تقوم بتوفير ممرضين مختصين لرعايتهم، وفي هذا كله مخالفة واضحة لكافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية المبنية على أُسس إنسانية وأخلاقية.
ارتفاع قائمة أسرى المؤبدات لتصل إلى (551) أسيراً
أصدرت محكمة الاحتلال العسكرية في “عوفر”، بتاريخ 31 مايو المنصرم، حكماً بالسجن المؤبد و25 سنة بحق الأسير أحمد عارف عصافرة (37 عامًا) من بلدة بيت كاحل / الخليل، والمعتقل منذ آب عام 2019، على خلفية مقاومة الاحتلال، بالاضافة إلى فرض غرامة مالية كتعويض بمبلغ مليون ونصف المليون شيكل.
وبذلك يرتفع عدد الأسرى الذين يقضون أحكاما بالسجن المؤبد (مدى الحياة) لمرة واحدة أو لعدة مرات إلى (551) أسيراً وأعلاهم حكماً الأسير عبد الله البرغوثي الذي سبق وصدر بحقه حكماً بالسجن المؤبد (67 مرة).
الاعتقال الاداري وسيلة للعقاب الجماعي
ما زالت دولة الاحتلال تُسيء استخدام الاعتقال الاداري، وماضية في اللجوء إليه كوسيلة للعقاب الجماعي وأداة للعقاب والانتقام من كافة فئات المجتمع الفلسطيني بمن فيهم الأُسر والعائلات والأطفال والفتيات، فهي تمارسه بذريعة الأمن وإدعاءات احترازية، وهو بالواقع ليس كذلك أبداً، حيث أن الاعتقال يتم بلا تهم معلومة أو محاكمات عادلة، وهذا بحد ذاته جريمة وفقاً للقانون الدولي تستوجب التحرك الفوري من قبل المجتمع الدولي لمحاسبة الاحتلال على جرائمة الآخذة بالتوسع، خاصة إذا ما علمنا بأن سلطات الاحتلال أصدرت منذ العام 1967 ما يزيد عن (55) ألف قرار بالاعتقال الاداري، مابين قرار جديد وتجديد فترة الاعتقال الاداري.
إن استمرار هذا الشكل من الاعتقال التعسفي يُشكل جريمة بكل المقاييس، ولا يعقل استمرار الصمت الدولي وعدم التحرك الفاعل لمواجهة “الاعتقال الاداري” الذي ينتهك خصوصية وحرية الانسان الفلسطيني، في الوقت الذي تُعقد فيه المؤتمرات والتجمعات واللقاءات الدولية التي تتحدث عن الديمقراطية وحقوق الانسان، وعلى أعلى المستويات في سبيل تحقيق العدل والحرية وإنصاف المظلومين، ونحن أكثر الشعوب تعرضاً للظلم، والاعتقال الاداري من أبرز الانتهاكات والجرائم الصارخة التي تتعارض مع القانون الدولي.
وجراء هذا الصمت واللامبالاة الدولية في الاستجابة للمطالب الفلسطينية الرسمية والشعبية، وعجز الجهود الحقوقية المبذولة في وضع حد للاعتقال الاداري المسلط على رقاب الشعب الفلسطيني، ومع استمرار التصعيد الإسرائيلي وزيادة قرارات الاعتقال الاداري وارتفاع أعداد المعتقلين الاداريين، يضطر المعتقلين ومنذ عدة سنوات الى اللجوء للخيارات الأصعب وخوض حراك جماعي وفردي لمواجهة هذا الأسلوب من الاعتقال التعسفي والانتقام الممنهج، وذلك من خلال خطوات نضالية كان لا بد منها لمواجهة المزاجية المتعالية لدى ضباط المخابرات الاسرائيلية، والذين يملكون القرار في من يجب أن يُعتقل ويُحول إدارياً، ويحددون فترة اعتقاله إستناداً لما يسمى بـ “الملف السري” والذي لايُسمح للمعتقل أو لمحاميه الإطلاع عليه.
ومن هنا شهدت السنوات الماضية سلسلة من الاضرابات الجماعية والفردية عن الطعام، وقد تجلت في السنوات العشر الأخيرة ظاهرة الاضرابات الفردية حيث خاض ما يزيد عن (400) معتقل إضراباً فردياً عن الطعام، جُلهم كان إضرابهم رفضاً للاعتقال الاداري، ومن أجل هدف واحد وهو إنهاء اعتقالهم التعسفي وانتزاع حريتهم من خلال تحديد تاريخ معلوم للافراج عنهم.
ويقبع اليوم ما يقارب من (682) أسيراً وأسيرةً، رهن الاعتقال الاداري، ويُحتجزون في معتقلات (عوفر والنقب ومجيدو) في ظروف صعبة، وهو ما دفع المعتقلين الاداريين منذ مطلع العام الحالي لمقاطعة محاكم الاحتلال العسكرية الاسرائيلية بكل مسمياتها ومستوياتها، كخطوة احتجاجية على استمرار الاعتقال الاداري، حيث تنبع أهمية هذه المقاطعة في تعرية هذا الاحتلال، وفضح ممارساته وسلوكه في التعامل مع الشعب الفلسطيني الأعزل، وإظهار التقصير والعجز الدولي في مواجهة هذه السياسة المخالفة للمنظومة الدولية المعمول بها والمتفق عليها، والمبنية على أُسس الحرية والديمقراطية.
وفي سبيل مواجهة هذه السياسة، يدفع الأسيران خليل عواودة ( 40 عاماً ) من بلدة إذنا في محافظة الخليل، والمعتقل منذ 27 كانون أول/ ديسمبر عام 2021، والأسير رائد ريان ( 27 عاماً ) من بلدة بيت دقو شمال مدينة القدس، والمعتقل منذ 3 تشرين ثاني/ نوفمبر 2021، من أجسادهما وصحتهما ثمناً حقيقياً، يتمثل بخوضهما إضراباً مفتوحاً عن الطعام منذ 92 و57 يوماً على التوالي (حتى تاريخ إعداد هذا التقرير)، حيث يعيش كلا الأسيرين ظروفاً صحية وحياتية صعبة ومعقدة، ويتعرضان للتنقل الدائم بين المستشفيات والزنازين كوسيلة للضغط عليهما للتراجع عن إضرابهما، ولكن رسالتهما واضحة بأن التراجع عن هذا الإضراب يكون بإنهاء اعتقالهما الاداري والحرية فقط.
وقد بلغت عدد أوامر الاعتقال الإداري الصادرة في أيار الماضي 157 أمراً من بينها 82 أمر جديد، و 75 أمر تمديد.
شهداء الحركة الأسيرة (228) دولاب لا يتوقف
منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية؛ تُصر دولة الاحتلال ومن خلال حكوماتها المتعاقبة وجيشها المدجج بالسلاح، أن يكون لها بصمة خاصة في قتل أسرانا ومعتقلينا العزل داخل سجونها ومعتقلاتها، وبطرق عدة كالتعذيب والتحقيق القاسي، أو بفعل القتل المباشر، أو من خلال الجرائم الطبية والقتل الطبي المتعمد وما يعرف بسياسة “الاهمال الطبي”، التي تتم في ظل صمت المجتمع الدولي وغياب العدالة الدولية، مما يعطي الاحتلال الضوء الأخضر للاستمرار في هذا النهج اللاأخلاقي واللاإنساني، والذي يشكل جرائم إنسانية و يؤكد أن هذه العصابة تتلذذ في اعتقال الفلسطينيين وتعذيبهم وقتلهم، وأن وظيفتهم الأساسية تكمن في إلحاق الضرر والأذى بصحة وحياة الأنسان الفلسطيني.
وفي يوم الجمعة الموافق 13/5/2022، وخلال اقتحام جيش الاحتلال ووحداته الخاصة مخيم جنين، تم إطلاق النار بقصد القتل العمد على المواطن داود الزبيدي (40) عاماً، وهو شقيق الأسير القائد زكريا الزبيدي، مما أدى إلى إصابته بجروح بالغة وتم نقله إلى مستشفيات جنين للعلاج، ومن ثم ولخطورة حالته الصحية وصعوبة إصابته، تم نقله إلى مستشفى “رمبام” بمدينة حيفا في الداخل الفلسطيني المحتل، وبعد ذلك بساعات أعلن الاحتلال بأن داود معتقل لديه، وفرض حراسة مشددة على القسم والغرفة التي يتواجد فيها في المستشفى، ومنع أحد من الوصول إليه.
ومنذ اللحظات الأولى لإعلان الاحتلال اعتقال “داود”، بدأ الإعلام الإسرائيلي وكثير من الإسرائيليين، موجة الحديث عن دور “الزبيدي” في التصدي لاقتحامات المخيم ومواجهة جيش الاحتلال، وعلى مدار 12 ساعة كانت عائلة الزبيدي وزكريا وداود المانشيت الرئيسي في كافة وسائل الإعلام الإسرائيلية المكتوبة والمرئية والمسموعة، وكل هذا من أجل أن تأتي اللحظة التي يريدها الاحتلال والتي يسعى إلى تحقيقها انتقاماً منه ومن عائلة الزبيدة المناضلة، وتزامن ذلك مع تصريحات تحريضية ضده وضد شقيقه وعائلته، وتعالت أصوات إسرائيلية متطرفة للمطالبة بقتله، مما شكل بالفعل مرحلة للتمهيد على اغتياله والتشجيع على تصفيته، وهذا ما حصل لاحقاً.
ووفقاً لشهود عيان فإن حالة داود كانت مستقرة في الساعات الأولى من فجر يوم الأحد، وحينها لم يتمكن أحد من الوصول إليه إلا الأطباء وبحضور شرطة وجنود جيش الاحتلال، وفي الساعات الأولى من صباح الأحد استشهد داود باغتيال حقيقي تم على مرحلتين، الأولى خلال استهدافه في المخيم وإطلاق النار عليه من قناصة الاحتلال، والثانية بعد اعتقاله والاستفراد به في مستشفى “رمبام” واستكمال تصفيته، والاستمرار باحتجاز جثمانه ورفضت سلطات الاحتلال تسليم جثمانه إلى ذويه لدفنه في مقابر جنين ووفقا للشريعة الإسلامية.
وباستشهاد الأسير “داود الزبيدي” يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى(228) شهيداً منذ عام (1967)، كما ارتفع عدد جثامين الأسرى الذين استشهدوا داخل سجون الاحتلال وما زالت دولة الاحتلال تحتجز جثامينهم وترفض تسليمها لعائلاتهم، إلى (9) شهداء، وهم: أنيس دولة من قلقيلية محتجز منذ عام 1980، عزيز عويسات من القدس محتجز منذ عام 2018، وفارس بارود من غزة، ونصار طقاطقة من بيت لحم، وبسام السايح من نابلس وجثامينهم محتجزة منذ عام 2019، وسعدي الغرابلي من غزة، وكمال أبو وعر من جنين، جثمانيهما محتجزين منذ عام 2020، وسامي العمور من غزة محتجز منذ نهاية العام 2021، وآخرهم داود الزبيدي محتجز منذ منتصف أيار/ مايو الماضي.
وتهدف دولة الاحتلال من وراء تصفية الأسرى واستمرار احتجاز جثامينهم، إلى الانتقام منهم ومعاقبة ذويهم ومضاعفة الأوجاع والأحزان لدى أُسرهم وعائلاتهم والشعب الفلسطيني بأسره، وهي تعلم تماماً أهمية إكرام الشهداء وإعطائهم حقهم في دفنهم بالطريقة التي تليق ببطولاتهم وتضحياتهم، ووفقاً لأحكام الشرائع الدينية التي تعطيهم مكانتهم وخصوصيتهم وقداسة جثامينهم.
هذا بالاضافة إلى مئات آخرين استشهدوا بعد خروجهم من السجن متأثرين بأمراض ورثوها عن السجون، وكان آخرهم الشهيد غيهاب الكيلاني من نابلس الذي استشهد بتاريخ 16 أيار/ مايو المنصرم بعد خروجه من السجن بشهر واحد فقط نتيجة الاهمال الطبي.
نفق جلبوع .. بطولة كسرت منظومة الأمن الإسرائيلية
ما تزال دولة الاحتلال الإسرائيلي وأدواتها المختلفة، تائهة وغير قادرة على لملمة نفسها، بعد الصدمة التي تلقتها عقب البطولة الحقيقية التي صنعها الأبطال الستة عبر نفق سجن “جلبوع”، والذين نجحوا في الهروب من السجن الأكثر حراسة والذي تصفه دول الاحتلال بـ “الخزانة الحديدية”، ودفعوا بقضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين إلى مكانها الطبيعي كأولوية محلية وإقليمية ودولية، من خلال النفق الذي حفروه في باطن الأرض على مدار تسعة شهور كاملة، بأدوات بدائية وبعزيمة وسرية أقرب إلى الخيال، ليقولوا للعالم أجمع بأننا شعب نحب الحياة، وسنسعى لها بكل الوسائل والطرق.
وفي الوقت الذي دخلت فيه كل مكونات الاحتلال السياسية والعسكرية والمدنية في حالة نفسية غير قادرة على الخروج منها حتى هذه اللحظة، إلا أن النقيض كان حاضراً على كل المستويات الفلسطينية، وإن النشوة التي لا زالت حاضرة، كان الكل الفلسطيني بحاجة لها، وأثبتت من جديد أن كل التحصينات والتشييدات والاجراءات الأمنية لا قيمة لها أمام الإرادة الفلسطينية.
واستطاع الأسرى الستة أن ينتزعوا حريتهم عنوةً لعدة أيام، قبلوا الأرض الطاهرة المغتصبة، فاحتضنتهم بدفئها وأطعمتهم من ثمارها التي حرمهم الإحتلال من طعمها وتذوقها، وعادوا إلى زنازين العزل الإنفرادي بعد إعادة إعتقالهم أكثر قوة وإيماناً بأن فجر الحرية الكاملة آتٍ لا محالة.
وعلى الرغم من كل المساعي الاحتلالية الإسرائيلية للتقليل من هذه البطولة وهذا الانجاز، إلا أنها بمجملها باءت بالفشل، ولم يتبقى أمام هذه المنظومة إلا الإختباء خلف أداة القضاء الموجه، ففي تاريخ 22/5/2022 عُقد في مدينة الناصرة في الداخل المحتل جلسة محاكمة للأسرى الستة، بالإضافة إلى خمسة أسرى آخرين يدعي الإحتلال أنهم ساعدوا في عملية نفق الحرية، وكانت النتيجة بعد مشاورات طويلة بين منظومة الاحتلال ومكوناتها، أن تصدر أحكاماً بحقهم، لا تستند إلى أي أُسس قانونية، وتتعارض مع الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق الدولية.
وكان الحكم على الشكل التالي: الأسرى محمود ومحمد العارضة، أيهم كممجي، مناضل نفيعات، يعقوب قادري، زكريا الزبيدي، السجن خمس سنوات إضافية على أحكامهم السابقة، ووقف تنفيذ 8 شهور لخمس سنوات، علماً أن الزبيدي لا زال موقوفاً، وسيتم التعامل معه كباقي إخوانه، بأن تضاف هذه المدة إلى الحكم الذي سيصدر بحقه وفقاً للائحة الاتهام التي وُجهت له عند اعتقاله.
أما من وصفوا بالمساعدين وهم: علي ومحمد أبو بكر، إياد جرادات، قصي مرعي، محمود أبو شرين، فحكم عليهم بالسجن الفعلي 4 سنوات وغرامة مالية بقيمة 2000 شيقل.
الأسير أحمد مناصرة شاهد حي على بطش الاحتلال
يعود أصل الحكاية إلى 12 تشرين الأول/أكتوبر 2015، بعد أيام قليلة من اندلاع “انتفاضة القدس”، والتي جاءت رداً على انتهاكات وجرائم الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه المتصاعدة تجاه المسجد الأقصى، وذلك حين أطلق جنود الاحتلال الإسرائيلي نيران أسلحتهم الرشاشة باتجاه الطفلين المقدسيين أحمد وحسن مناصرة في مستوطنة “بسغات زئيف” في القدس المحتلة، بحجة محاولتهما تنفيذ عملية طعن، من دون مراعاة لصغر سنّهما وبراءة طفولتهما، فأُصيبا بجروح وتُركا ينزفان دماً في الشارع، من دون تقديم الرعاية الطبية اللازمة لهما، فارتقى حسن شهيداً، أمّا أحمد الذي لم يكن قد بلغ الرابعة عشرة من عمره، فأُصيب إصابات بالغة، وتم تكبيله بالسلاسل واعتقاله واستجوابه، ثم نقل إلى مراكز التحقيق ليتعرض هناك لصنوف مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي.
ومن هناك، جاء فيديو “مش متذكّر”، وهو مقطع سرّبه الاحتلال الإسرائيلي ويظهر فيه الطفل المقدسي أحمد مناصرة، يُجيب عن أسئلة ضابط التحقيق ويصرخ: “مش متذكّر”، كان مشهداً صادماً، وواحداً من أبرز مشاهد “انتفاضة القدس” التي وثقتها الذاكرة الفلسطينية، وما زال عالقاً في أذهان كل مَن رأى وتابع الحدث.
وبالرغم مما تعرض له الطفل “أحمد مناصرة” من إصابة وألم، من تعذيب وعزل انفرادي وإهمال طبي، وما لحق به من ضرر جسدي ونفسي، إلا أن القضاء الإسرائيلي-كعادته- لم يرحم طفولته، فأصدرت محكمة الاحتلال المركزية في القدس في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 بحقه حكماً بالسجن الفعلي لمدة 12 عاماً، وبعد أقل من عام، خُفّض الحكم، ليصبح 9 أعوام ونصف العام، بالإضافة إلى فرض غرامة مالية قدرها 180 ألف شيكل، وما يعادل قرابة ( 56000 دولار)، كما وأن ادارة السجون لم تراعٍ هي الأخرى ما حل به من أذى وضرر جسدي ونفسي، فزجت به مراراً ولفترات متفرقة وطويلة في العزل الانفرادي مما فاقم من معاناته وتسبب له العديد من الأمراض والصدمات النفسية، فبات يعاني باستمرار من اضطرابات نفسية خطِرة تحتاج إلى الكثير من العلاج والاحتضان، وليس إلى العزل الانفرادي وحرمان كما هو حاله اليوم.
وبعد جهود قانونية وحقوقية ومهنية حثيثة عقدت المحكمة المركزية الإسرائيلية في بئر السبع جلسة للنظر في الاستئناف المقدم من موكله لقرار لجنة الثلث الأولى التي رفضت طلب الإفراج المبكر عنه بعد قضائه ثلثي مدة محكوميته، كان ذلك في الثالث عشر من نيسان/أبريل الماضي، وقررت المحكمة إبطال قرار لجنة الثلث الخاصة الذي اعتبر ملف مناصرة “إرهاباً”، وإعادة الملف مرة أُخرى إلى اللجنة للنظر فيه، كونها لم تستمع في المرة الأولى إلى الطاقم القانوني الموكل للدفاع عن أحمد مناصرة، وهو ما يفتح آفاقاً جديدة أمام محامي الدفاع.
وفي 18 آيار/مايو المنصرم عقدت محكمة الاحتلال جلسة في سجن “ايشل” في بئر السبع للنظر في طلب إدارة السجون بتمديد عزل الأسير “أحمد مناصرة” لمدة ستة شهور أخرى، وقد قررت حينها تأجيل القرار إلى 15 حزيران/ يونيو القادم على أن يبقى “أحمد” في العزل.
وهذا يؤكد على أن الاحتلال ماضٍ في جريمته بحق “مناصرة” دون أي اعتبار لما لحق به من أذى، وما تعرض له من تعذيب، وما يعانيه من حالة نفسية صعبة جراء الضغوطات النفسية والعزل الانفرادي وظروف الاحتجاز القاسية والصعبة وبعيداً عن إخوانه الأسرى.
وإن قضية الأسير “أحمد مناصرة” واحدة من القضايا التي يجب أن تبقى حيه على الدوام، وتتطلب استمرار الجهود الحقوقية والقانونية والإعلامية والشعبية وتكثيف الحملات الشعبية والاعلامية المطالبة، ليس بإنهاء عزله الانفرادي فحسب، وإنما بالإفراج عن الأسير أحمد مناصرة الذي تجاوز طفولته مكبلاً بالأصفاد، وشبّ خلف القضبان وقد تجاوز العشرين عاماً في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
قائمة قدامى الأسرى بتصاعد مستمر
السنوات تمضي والأعمار تُقضى خلف القضبان، وقائمة “عمداء الأسرى”، وهو مصطلح يُطلقه الفلسطينيون على من مضى على اعتقالهم أكثر من 20 سنة على التوالي، ترتفع مع نهاية شهر أيار/مايو لتصل الى (214) أسيراً، من بينهم (37) أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من 25 سنة، وهؤلاء يَطلق عليهم الفلسطينيون مُصطلح “جنرالات الصبر”، ومنهم (25) أسيراً معتقلين منذ ما قبل “اتفاقية اوسلو” وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية، وهم ما يُعرفوا بالدفعة الرابعة التي تنصلت حكومة الاحتلال من الإفراج عنهم في إطار التفاهمات السياسية برعاية أمريكية عام2013، ويوجد من بين هؤلاء (17) أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من 30 سنة بشكل متواصل، ويُطلق عليهم “أيقونات الأسرى، ومن بين هؤلاء يوجد (8) أسرى مضى على أعتقالهم أكثر من35 سنة، أقدمهم الأسيرين” كريم وماهر يونس” المعتقلان منذ كانون ثاني/ يناير عام 1983.
هذا بالإضافة إلى عشرات آخرين من الأسرى الذين تحرروا في صفقة وفاء الأحرار (شاليط) في تشرين أول/ أكتوبر2011، ومن ثم أعادت سلطات الاحتلال اعتقالهم عام 2014، وأبرزهم الأسير نائل البرغوثي الذي أمضى قرابة 42 سنة في سجون الاحتلال على فترتين.
و لا بد من الاشارة أن هذا الارتفاع الكبير والمتواصل في عدد الأسرى الذين تجاوزوا العشرين عاماً، يأتي نتيجة اعتماد سياسة الردع في إصدار الأحكام لمعظم المعتقلين الفلسطينيين الذين اعتقلوا في السنوات الأولى لانتفاضة الأقصى، وهذه الأحكام كانت بتعليمات من جهاز المخابرات الاسرائيلي ( الشاباك).
معاناة أسرى قطاع غزة
لقد وضعت دولة الاحتلال كافة الفلسطينيين في قفص الاتهام، ولم تستثن أحداً من اعتقالاتها التعسفية، وقد اعتقلت قوات الاحتلال (13) فلسطينياً من قطاع غزة خلال شهر آيار/مايو المنصرم، منهم(10) فلسطينيين كانوا يعملون في مهنة الصيد وتم اعتقالهم في عرض البحر في ثلاث حوادث منفصلة، كما وتم اعتقال ثلاثة فلسطينيين آخرين، في حادثين منفصلين، وذلك بعد اجتيازهم الحدود باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة عام1948. هذا بالإضافة الى احتجاز واستجواب وإجبار العديد من المواطنين على الانتظار طويلاً أثناء مرورهم عبر حاجز بيت حانون/ايرز شمال قطاع غزة، وأحياناً كان يتم اعتقال مواطنين عبر الحاجز المذكور كما حصل خلال الأشهر السابقة.
هذا وما زالت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحتجز في سجونها ومعتقلاتها قرابة (200) أسير فلسطيني من قطاع غزة، بينهم (26) أسيراً يقضون أحكاما بالسجن المؤبد لمرة واحدة أو لعدة مرات، ومنهم (17) أسيراً ضمن قائمة “عمداء الأسرى” الذين مضى على اعتقالهم ما يزيد عن 20 سنة وأقدمهم الأسير “ضياء الأغا” من خانيونس جنوب قطاع غزة والمعتقل منذ 30 سنة، ويُعتبر عميد أسرى قطاع غزة.
ومن الأهمية بمكان الإشارة هنا بأن بين أسرى القطاع، هناك الأسير المهندس “محمد الحلبي” (44 عاماً) والمعتقل منذ تاريخ 15حزيران/يونيو عام2016، أثناء تنقله عبر حاجز بيت حانون/إيرز، حيث كان يعمل مديراً لمؤسسة الرؤية العالمية الأمريكية worldvision في قطاع غزة، وهي متخصصة في مجال الاغاثة والمساعدات الإنسانية، وقد قُدم للمحاكمة للمرة (169) بتاريخ 9 أيار/مايو المنصرم وما زال موقوفا، في واحدة من أطول المحاكمات عدداً في التاريخ.
زيارات أسرى غزة
ومن الجديد ذكره هنا بأن أسرى قطاع غزة قد مُنعوا من استقبال أفراد عائلاتهم على مدار عامين متواصلين، وذلك منذ آذار/مارس2020 ولغاية 29 آذار/مارس الماضي، وذلك بذريعة “كورونا”، دون أن توفر لهم إدارة السجون البدائل الممكنة للتواصل فيما بين الأسرى وذويهم، مما فاقم من معاناتهم.
وبتاريخ 24 آيار/مايو الماضي تمكن (8) أشخاص من أهالي الأسرى من زيارة (4) أسرى في سجن “إيشل” ببئر السبع، ومن ثم في 31 من نفس الشهر تمكن (36) شخصاً من الأهالي من زيارة (24) أسيراً في سجن “نفحة”، مما رفع عدد الأهالي الذين تمكنوا من زيارة أبنائهم الأسرى، منذ استئناف الزيارات لأسرى غزة أواخر آذار/ مارس الماضي، إلى (132) شخصاً والذين تمكنوا من زيارة (84) أسيراً فقط من قطاع غزة، في ثلاث سجون هي: (نفحة وريمون وايشل) وعلى خمس دفعات متفرقة، وبذلك تكون حصة كل أسير(1.6) شخص من الزوار، فيما لا يزال برنامج زيارات الأهالي غير منتظم وهناك العديد من القضايا ذات الصلة بحاجة إلى معالجة من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فالزيارات حق مشروع لكافة الأسرى.