أظهرت دراسة مسحية بعنوان «الحياة في ظل جائحة كورونا للأطفال الصغار وأسرهم في إمارة أبوظبي»، أجرتها هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة بالتعاون مع جامعة نيويورك أبوظبي، حدوث تغييرات مهمة في أنماط الحياة للأطفال وأسرهم.
وخلصت النتائج إلى وجودة ازدياد في شعور الوالدين بخطر الإصابة بفيروس كورونا مع مرور الوقت، وفي الوقت ذاته وجود تحسن عام فيما يتعلق بعادات تناول الطعام الصحية ووزن الجسم وجودة النوم والنشاط البدني والرفاهية لدى كلٍ من الوالدين والأطفال.
كما أظهرت النتائج ارتفاعاً ملحوظاً في مدى تحسن الحالة الصحية والرفاهية والنشاط البدني لدى الآباء وتراجع الضغوط التي يتعرضون لها مقارنة بالأمهات.
كما أظهرت الدراسة أن أولياء الأمور وجدوا سهولة مع مرور الوقت في دعم أطفالهم أثناء التعليم عن بُعد بسبب الظروف التي فرضتها الجائحة، كما أظهرت انخفاضاً ملحوظاً في جودة علاقة الوالدين بأطفالهم، فضلاً عن أن مقدار الوقت الذي يقضيه الوالدان أمام الشاشات ظل ثابتاً، ولكنه ارتفع بشكل ملحوظ بالنسبة للأطفال، لا سيما الذين تُراوح أعمارهم بين 0-3 سنوات. وبحسب نتائج المقابلات التي أجريت مع الأطفال أصبح الأطفال أقل قلقاً مع مرور الوقت.
متغيرات الجائحة
وجاءت الدراسة بهدف الوقوف على أهم التغيرات التي فرضتها الجائحة على حياة الأطفال وأسرهم في الإمارة، والتعرف على تجارب الأطفال وأولياء أمورهم خلال الجائحة بما في ذلك التحديات أو الفرص التي قد تواجههم، للخروج بتوصيات قابلة للتنفيذ تسهم في تحسين سياسات وممارسات قطاع تنمية الطفولة المبكرة، وتعزيز خطط وبرامج الاستجابة التي تتبناها الجهات المختلفة للحد من تأثير أي متغيرات أو ظروف استثنائية قد تطرأ مستقبلاً على مسيرة نمو وازدهار الأطفال.
وشهدت الدراسة التي تعد من بين الدراسات النادرة على مستوى العالم التي تبحث انعكاسات الجائحة على الأطفال دون سن التسع سنوات بحسب تقرير أعدته اليونيسف «Life in Lockdown» (2021)¹ – استطلاع آراء 835 من أولياء أمور الأطفال الذين تُراوح أعمارهم بين 0-8 سنوات، ومقابلات مباشرة مع أطفال تُراوح أعمارهم بين 4-8 سنوات، من خلال استبيان تم تنفيذه على مرحلتين زمنيتين (سبتمبر 2020 وفبراير 2021) لمعرفة التغيرات التي قد تحدث مع مرور الوقت.
وركزت الدراسة على قياس تأثير الجائحة على عدة جوانب، أهمها الصحة النفسية والبدنية والتعليم والتفاعلات الاجتماعية والعمل ووقت استخدام الشاشات.
الخصائص الديموغرافية
وفيما يتعلق بالخصائص الديموغرافية لعينة الدراسة؛ مثّل المتزوجون ما نسبته 96% من إجمالي المشاركين في الدراسة، وبلغت نسبة الأمهات 75%، في حين بلغت نسبة المشاركين الحاصلين على مؤهل علمي عالٍ نحو 69%.
وفي الاستبيان المخصص للأطفال، مثّلت الفتيات نسبة 56% من إجمالي الأطفال المشاركين، ونحو 55% نسبة الأطفال الذين تُراوح أعمارهم بين 0-3 سنوات، في حين حظي الاستبيان بمشاركة 11 طفلاً من أصحاب الهمم.
وحول التوزيع الجغرافي للمشاركين في الاستبيان، مثّلت الأسر التي تعيش في مدينة أبوظبي أعلى نسبة مشاركة حيث بلغت 52% من إجمالي الأسر المشاركة، بينما 46% للأسر التي تعيش في مدينة العين، و2% في منطقة الظفرة، كما شارك في الاستبيان 69% من غير المواطنين، و31% من المواطنين.
دراسة تاريخية
ووصف الدكتور جوسلين بيلانجر، الأستاذ المساعد في علم النفس بجامعة نيويورك أبوظبي، الدراسة المسحية بالتاريخية لأنها أظهرت أن الحفاظ على الصحة والشعور بالأمان النفسي من التحديات الرئيسية التي تواجه الأطفال الصغار وأسرهم في ظل الجائحة، مضيفاً أن هذه التحديات أثّرت بشكل كبير على حياة هذه الأسر التي لديها أطفال صغار.
من جانبها، أشارت الدكتورة أنتجي فون سوتشودوليتز، الأستاذ المساعد في علم النفس بجامعة نيويورك أبوظبي، إلى أن الدراسة تعالج فجوة معرفية مهمة تتعلق بفهم تأثير جائحة كوفيد-19 على الأسر التي لديها أطفال صغار في إمارة أبوظبي، مضيفة أن النتائج الرئيسية التي خلصت إليها الدراسة أظهرت حدوث تغييرات مهمة في نمط حياة الأطفال الصغار وأسرهم بسبب الجائحة.
تعزيز الشراكة البحثية
وقالت حمدة محمد السويدي باحث رئيسي في هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة: «يأتي تعاوننا البحثي مع جامعة نيويورك أبوظبي في إطار حرصنا على تعزيز شراكاتنا البحثية والمعرفية والعلمية مع مختلف الجهات المحلية وعدد من المعاهد والجامعات ومراكز الأبحاث العالمية، باعتبارنا مركزاً للمعرفة ندعم صنّاع القرار من خلال تطوير ونشر البحوث والبيانات والأدلة».
وتابعت: «كما تأتي الدراسة في إطار مواصلة لجهودنا في إعداد منظومة شاملة للبحوث والدراسات تدعم توجهاتنا الاستراتيجية نحو تطوير استراتيجيات شاملة للأبحاث لضمان تطبيق أفضل الممارسات أثناء جمع البيانات ومشاركتها وتحليلها واستخدامها، ووضع السياسات ذات الصلة بتنمية الطفولة المبكرة وتقديم الخدمات وتوفير الموارد الكافية لتحفيز ودعم منظومة أبحاث قطاع تنمية الطفولة المبكرة، لضمان إجراء أبحاث عالية الجودة».
وأكدت السويدي أهمية هذه الدراسة في توفير مؤشرات خاصة برصد التغيرات الناجمة عن جائحة كورونا، وتأثيرها على الأطفال الصغار وأسرهم، ما يُتيح للشركاء وضع سياسات محسّنة لخدمة الأطفال وإيجاد حلول محددة الأهداف وفعّالة للتحديات التي تواجه نموهم، وتنفيذها لتحقيق نتائج إيجابية تضمن نمو وازدهار جميع الأطفال في بيئة آمنة وداعمة لهم.