تاريخ النشر:
30 يونيو 2022 9:42 GMT
تاريخ التحديث: 30 يونيو 2022 11:05 GMT
تفرض ظواهر اجتماعية أجنبية نفسها على الشباب العربي الذي يعيش في أوروبا، مثل: الجنس، والإنجاب خارج إطار الزواج، وظاهرة المساكنة، وهي أبرز تلك الظواهر التي تعتبر طبيعية ومقبولة في المجتمع الأوروبي.
ويجد بعض الشباب والفتيات العرب أنفسهم أمام تحدي المساكنة وقوفاً عند رغبة الفتاة أو الشاب الأوروبيين الذين لا يقبلون الزواج من شخص آخر دون فترة اختبار كافية للشريكين ”مساكنة“.
وبعد أن يرضخ الشاب لهذه الرغبة بما فيها من سلوكيات لم يعتد أن يتقبلها، يصطدم بما فيه من جذور للعادات والتقاليد الشرقية والتي يحاول الأهل دائماً ترسيخها وتقديسها في داخله.
وقالت ندى الجبة (25 عاماً) لبنانية تعيش في لوكسمبورغ لـ“إرم نيوز“: ”كانت المساكنة السبب غير المباشر لنهاية علاقتي بزميلي في الجامعة بعد قصة حب دامت سنتين، رغم أنه عربي الأصل“.
وأضافت ندى، التي تدرس علوم الحاسوب في جامعة الأعمال الأوروبية ”رغم أصوله العربية، عشق حسن (27 عاماً) الأسلوب الأوروبي في الحياة العاطفية وطلب مني أن نعيش في المنزل ذاته، وبعد أن رفضت بدأت علاقتنا تضطرب“.
ادعى حسن بأنه سيقف عند رغبة ندى ولن يجبرها على المساكنة، لكن ذلك جعل العلاقة غير مستقرة بحسب ندى، التي أضافت ”هو راغب بذلك النمط من العلاقات، فأصبح يشعر دائماً بأنه يضحي برغبته في سبيل إنجاح العلاقة، وهذا ما جعله موتوراً دائماً“.
وعن تقبلها للمساكنة تحدثت ندى ”أنا لست متعصبة تجاهها، ومن الممكن أن تكون أسلوباً جيداً قبل الزواج، لكنني لا أستطيع تقبلّها بهذه البساطة وتجاهل عاداتي الاجتماعية وديني، ذلك صعب علي“.
كان ثمن ذلك التمسك بالعادات الشرقية نهاية قصة حب بين ندى وزميلها، وحول شعورها بالندم أردفت ”أشعر بالندم أحياناً، لكن ما طلبه حسن كان يفوق طاقة استيعابي ويفوق قدراتي أيضاً.. لن أستطيع الكذب على أهلي لمدة سنتين، الذين بالتأكيد لا يمكن أن يسمحوا بهكذا سلوك“.
وأوضحت دراسة ألمانية نشرت عام 2018، أن الأشخاص الذين انفصل آباؤهم خلال طفولتهم، يميلون أكثر لخوض تجربة المساكنة قبل الزواج، كما يميلون للاستقلال في حياتهم عن منزل العائلة.
فوبيا الجنس
الجنس خارج إطار الزواج سلوك بديهي خلال العلاقة العاطفية في المجتمع الغربي، بينما شكل جوهر مخاوف الأهالي العرب على أبنائهم في أوروبا، لذلك يحاولون تحصينهم بالعادات الشرقية ودمجهم بالتكتلات العربية في المدن الأوروبية.
وقالت جيسسيكا الدبل (24 عاماً) وهي سورية تعيش في برلين ”رضخت إلى تجربة المساكنة وقوفاً عند رغبة الشاب الألماني الذي أحببته، رغبة مني في تخفيف حدّة الشرخ الثقافي بيننا“.
وأضافت جيسيكا التي تدرس القانون في جامعة هومبولدت ”عشت مع غابورGabor في المنزل ذاته لمدة شهر ونصف الشهر، وخلال تلك الفترة كنت أعيش في ضغط وتوتر كبيرين نتيجة عدم ارتياحي وشعوري الدائم بتأنيب الضمير لأنني أكذب على أهلي الذين يعيشون في مدينة أخرى“.
اكتشفت والدة جيسيكا كذبتها وهددتها بإخبار أبيها إذا لم تُحجم عن هذا السلوك وتعود إلى السكن الجامعي، فوقفت الفتاة عند طلب أمها لقناعتها بصوابيته.
وهنا قالت الدبل ”أنا راضية عن قراري، واعتبرت ما جرى درساً لي ولغابور كي يعلم أيضاً أنني لا أقوى على العيش بطريقة غربية بحتة، ولا أستطيع الانعتاق عن أهلي“.
واستمرت جيسيكا بعلاقتها العاطفية التي تعتبرها ناجحة لأن شريكها الألماني يتقبل عدم مرونتها الكافية في العيش على الطريقة الأوروبية، وتقبل الجنس والإنجاب قبل الزواج.
طي الكتمان
مسألة ترويض الأهل العرب في هكذا مسائل حساسة، مهمة شبه مستحيلة لدى الشباب والفتيات العرب، سواء أكانوا يعيشون معهم في أوروبا أم في البلدان العربية، حتى في ظل ذكورية المجتمع العربي، لن يجرؤ الذكر على إعلان مساكنته.
مازن وليد (32 عاماً) مصري يعيش في النمسا علاقة مساكنة مع شريكته البولونية منذ عام ونصف العام، لكنه يبقي هذه العلاقة طي الكتمان أمام أهله في القاهرة وأمام بعض أقربائه في النمسا أيضاً..!
وقال وليد الذي يعمل في شركة نقليات هولندية ”أنا مقتنع بهذه العلاقة وأهميتها قبل الزواج، لكن إقناع أهلي ومجتمعي العربي بها أمر لا طائل منه سوى الخلافات، لذلك أبقيه سراً لحين التأكد من صحة خياري ومن ثم الزواج“.
واشترطت شريكة مازن البولونية عليه المساكنة قبل السفر معه إلى أي بلد آخر كي تختبر مشاعرها وسلوكياته، وهو لم يمانع خوض التجربة.
وعن تقييمه لتجربته، تحدث مازن ”لا أنكر فوائد المساكنة، لكنها في الوقت ذاته تبطل بريق الزواج، خاصة أننا نحن العرب نكبر على تقديس مشاعر يوم الزفاف وأهميته في حياتنا، ولكن الزواج بعد المساكنة يفقد تلك الهالة ويصبح مجرد تاريخ“.
وأكدت ورقة بحثية لمؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية عدم وجود علاقة واضحة بين تجربة المساكنة قبل الزواج بفترة ما بعد الزواج، من ناحية السعادة أو الطلاق، كما أكدت دراسة نشرتها ”The Journal of Marriage and Family“، أن تأثير المساكنة قبل الزواج على احتمال الطلاق في المستقبل ليس تأثيراً كبيراً.