منوعات – غزة بوست
بعد رحيل حبيب العفري.. من هم آغوات الحرمين وما شروط اختيارهم الغريبة؟
بعد الإعلان عن وفاة أحد آخر الآغوات الثلاثة ”خُدَّام الحجرة النبوية الشريفة“، والمختصين بخدمة المسجد والحجرة النبوية وتنظيفها، كشف مختص عن شروط صادمة يتعين توافرها في ”الآغوات“ قبل توليهم مهامهم الوظيفية في المسجد، مثل أن يكونوا ”مخصيين“، وأن يناموا في الحرم 7 سنوات ليلًا ونهارًا.
وأعلنت وكالة شؤون المسجد النبوي الشريف، يوم الأربعاء، وفاة الآغا حبيب محمد العفري، وسط تساءل المئات عن هذه الشخصية التي تعد أحد أقدم أغوات المسجد النبوي، والذي كرَّس حياته لخدمة المسجد النبوي لما يقرب من 50 عامًا.
وفاة الأغا #حبيب_محمد_العفري خادم الحجرة النبوية لأكثر من 40 عاما.. من هو؟ pic.twitter.com/kfpVOE90QD
— Erem News – إرم نيوز (@EremNews) July 13, 2022
ونعت الوكالة العفري، عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي ”تويتر“، قائلة: ”انتقل إلى رحمة الله تعالى الآغا حبيب محمد العفري أحد أقدم آغوات المسجد النبوي الشريف الذين اختصهم الله بخدمة مسجد رسول الله في فترة من الزمن“.
انتقل إلى رحمة الله تعالى الأغا حبيب محمد العفري أحد أقدم أغوات المسجد النبوي الشريف الذين اختصهم الله بخدمة مسجد رسول الله ﷺ في فترة من الزمن، وسيصلى عليه في المسجد النبوي اليوم الأربعاء بعد صلاة المغرب ، إنا لله وإنا إليه راجعون .
— وكالة شؤون المسجد النبوي (@wmngovsa) July 13, 2022
وأقيمت صلاة الجنازة على الراحل الآغا حبيب محمد العفري أحد آخر الآغوات الثلاثة وخادم الحجرة النبوية، في المسجد النبوي بعد صلاة المغرب، الأربعاء، ودفن بمنطقة بقيع الغرقد.
يشار إلى أن الآغا هو منصب قديم، ولكنه لا يوجد حاليًا، حيث يشير إلى رجل ينذر نفسه وعمره لخدمة الحجرة النبوية والمسجد النبوي الشريف.
كما تشمل وظيفة الآغا حمل مفاتيح الحجرة، واستقبال الضيوف من الرؤساء وغيرهم، وهو من الملازمين للمسجد النبوي.
وبحسب وسائل إعلام، ومدونات، قضى الفقيد نحو 50 عامًا في خدمة المسجد النبوي الشريف، حيث كرَّس الراحل حياته في الحجرة النبوية، ليصبح أحد أقدم الآغوات في المسجد النبوي الشريف.
ورحل عن عالمنا عن عمر تخطى الـ65 عامًا، حسبما أعلنته مصادر موثوقة.
وأشارت مصادر مطلعة، إلى أن الراحل عانى قبيل وفاته، من وعكة صحية.
وانتقل حبيب محمد العفري من جيبوتي إلى المدينة المنورة وعمره 18 عامًا، والتحق بالآغوات، وخدم فيها ما يقارب 50 عامًا، وسكن حارة الآغوات، وكان المسؤول عن إغلاق منبر الرسول عليه السلام، في يوم الجمعة، وتنظيف الحجرة النبوية.
في السياق، كشف المستشار المتخصص في خدمات الحج والعمرة، والباحث في تاريخ مكة المكرمة، أحمد صالح حلبي، أن لفظ ”آغا“ بحسب الكثير من المراجع التاريخية واللغوية، هو لفظ أعجمي، ويستعمل في اللغات التركية، والكردية، والفارسية.
وفي تصريحات نقلتها صحيفة ”الرياض“ السعودية، ذكر حلبي، أن الأكراد مثلًا يطلقون كلمة ”آغا“ على الشيخ، والوجيه، والثري، أما الأتراك فيطلقونه على السيد، والتاجر الثري، ورئيس الدائرة، ورئيس خدام القصر، وفي الفارسية يطلق مسمى ”آغا“ على رئيس الأسرة.
وبين أن كلمة ”آغا“ انحصرت في مكة المكرمة، والمدينة المنورة، على مجموعة من الأشخاص ”المخصيين“ العاملين في خدمة المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف.
ويعتبر معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، أول من وضع خدامًا للكعبة المشرفة من ”العبيد“، أما أول من اتخذ ”الخصيان“ لخدمة الكعبة فهو ابنه يزيد بن معاوية، الذي تولّى الخلافة بعد وفاة والده، العام 60 هجرية، وأول من رتب الآغوات في المسجد الحرام هو الخليفة العباسي الثاني أبو جعفر المنصور، بحسب الباحث أحمد صالح حلبي.
وأضاف حلبي: ”تختلف بدايات آغوات المسجد الحرام، عن آغوات المسجد النبوي الشريف في تاريخ الظهور، فآغوات المسجد النبوي الشريف جاء ظهورهم في عهد الملك الناصر صلاح الدين بن أيوب، مؤسس الدولة الأيوبية، وهو أول من عيَّن خصيانًا لخدمة المسجد النبوي الشريف“.
مهمات شريفة
ولفت الباحث إلى أن هناك العديد من الوظائف التي كان الآغوات يقومون بها سابقًا، سواء بالمسجد الحرام أو المسجد النبوي، وقد حصر بعض المؤرخين تلك المهام فوجدوا أنها تتجاوز الأربعين وظيفة.
وبين أن أولى هذه الوظائف قيامهم بالفصل بين الرجال والنساء في الحرمين الشريفين، ومنع النساء من الطواف بعد الآذان، وتولّي مسؤوليات كنس وتنظيف صحن المطاف، وتقديم سقيا ماء زمزم للملك، ورؤساء الدول الإسلامية، والوفود الرسمية بعد انتهائهم من الطواف.
وأشار إلى أنهم يتولون تنظيف الحجرة النبوية، وفتحها لضيوف الدولة بناءً على موافقة صادرة من الدولة، إضافة إلى دورهم في تنظيف وإنارة القناديل.
مقولة غير صحيحة
ومن بين الأقوال المتداولة سابقًا أن آغوات الحرم هم عبيد يتم شراؤهم من قبل الحكام والأثرياء ليكونوا خدامًا للحرمين الشريفين، أكد الباحث السعودي أن هذه المقولة غير صحيحة، حيث نفاها شيخ آغوات المسجد النبوي الشريف الشيخ سعيد بن آدم بن عمر آغا، في حوار صحفي نشر العام 2011.
وقال إنه ”خلافًا لما كان شائعًا عن الآغوات من أن آباءهم هم من قاموا (بخصيهم) وإرسالهم إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة لخدمة الحرمين الشريفين، فإن الغزو الإيطالي للحبشة عمد إلى (خصي) الأطفال حتى يقطعوا نسلنا“.
الشروط التي يجب أن تتوافر في الآغا؟
وأكد أن هناك شروطًا يجب أن تتوافر في الآغوات، أهمها أن يكون الشخص ”مخصيًا“، ويقبل تطبيق النظام عليه، ويقبل شروط الآغوات كاملة، وأن ينام في الحرم 7 سنوات ليل نهار، وأن يؤدي واجبه على أكمل وجه، ويطيع أوامر رؤسائه من الصغير حتى الكبير، وأن تكون صحته جيدة، وألا يكون هزيلًا ولا متأخرًا في السن وعاجزًا عن العمل.
ألوان الملابس
وعن ألوان ملابسهم، أوضح الباحث المتخصص أحمد صالح حلبي، أن من عاصر الآغوات يلحظ أن لهم ملابس خاصة يتميزون بها عن غيرهم داخل وخارج الحرمين الشريفين، ولهذه الملابس درجات تميز بعضهم عن الآخر، فمن كان منهم في درجة الخبزية وما فوقها يضع الشال – حزامًا من صوف – على كتفه، ومن كان دون درجة الخبزية فإنه يربطه على وسطه، وللآغوات مراتب أعلاها مرتبة شيخ الآغوات.
حرص الملك عبد العزيز
وعن الكيفية التي تعامل فيها مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز مع الآغوات، لفت حلبي، إلى أنه حرص على إبقاء الآغوات ومنحهم كافة حقوقهم، تقديرًا لدورهم في خدمة الحرمين الشريفين.
وبين أنه تم تخصيص مواد نظامية قديمة خاصة بهم، مثل المادة (42) التي نصت على ”أن رئيس الآغوات وجماعته أمة مستقلة في نظامهم الداخلي، وأن هذا الاستقلال الإداري ممنوح لهم بتقرير الملك عبد العزيز، المعطى لهم والمنصوص عليه في المادة (40)“.
وزاد: ”بعد وفاة الملك عبد العزيز أيَّد الملك سعود، تقرير والده المؤسس في تقرير ملكي صادر من ديوانه الملكي بعدد 35 في 4 /3 / 1374 هـ وهذا نصه: ”إننا نقر آغوات الحرم المكي أن يبقوا على الترتيب والعادة التي يسيرون عليها في أمورهم الخاصة، وألا يتعرض لهم في هذه الأمور أو يتدخل في هذه الشؤون أحد“، ثم صدر قرار من مجلس الوزراء رقم 925 وتاريخ 21 /9 / 1391هـ أن ”يبقى الآغوات على عاداتهم وتقاليدهم وما هم عليه“.
الموقع الذي يجتمعون فيه
كشف حلبي أنه يوجد في المسجد النبوي الشريف موقع يعرف بالصُّفة أو كما يقال بالعامية دكة الآغوات، وهو في الركن الشمالي الشرقي من المسجد النبوي، وهو الموقع الذي ”أمر به النبي فظُلل بجريد النخل، وأُطلق عليه اسم ”الصُّفة“ أو ”الظلة“.
وقال: ”أُعدت الصفة لنزول الغرباء العزاب من المهاجرين والوافدين الذين لا مأوى لهم ولا أهل فكان يقل عددهم حينًا، ويكثر أحيانًا، وكان النبي كثيرًا ما يجالسهم، ويأنس بهم، ويناديهم إلى طعامه، ويشركهم في شرابه؛ فكانوا معدودين في عياله“، وكانت دكة الآغوات ملتقى لهم في بداية أعمالهم بالمسجد النبوي الشريف.
أما عن مصادر دخل أغوات الحرمين الشريفين، فأوضح حلبي نقلًا عن مسؤولين، ”أنهم يتلقون راتبًا يبلغ 3370 ريالًا، وأكثر راتب يستلمونه هو 4700 ريال (1250 دولارًا)“.