خاص – غزة بوست
روان صالح
زكريا الجيار وحكاية نصف قرن بين ماكينات الخياطة
وأنت تتجول في سوق القيسارية القديم، شرق مدينة غزة، ستجد الحاج زكريا الجيار يعمل على تصليح ماكينات الخياطة بيديه الخشنة المليئة بالتجاعيد ويستقبل الماريين بالابتسامة والسلامات.
زكريا الجيار، البالغ من العمر (82 عامًا) يعمل منذ نعومة أضافره في مهنة تصليح ماكينات الخياطة، ويتوجّه يوميًا إلى المحل منذ شروق الشمس حتى غروبها ، ولم يتخلّ عنها يومًا رغم شح الإقبال عليها، وعلّمها لابنه آملًا بعودة الاقبال عليها يومًا ما.
بدأ الجيار عمله سنة ال 1954 في مجال الخياطة، حيث استأجر محلًا في مخيم جباليا شمال قطاع غزة لقربه من محطّة الحافلات، ثمَّ انقطع عن مهنته لمدة عامين في منتصف الستينات ليعُود بعدها إلى العمل من جديد وافتتاح محلّه الذي لا يتجاوز الثلاثة أمتار قُرب المسجد العمري شرق مدينة غزة.
ويحتفظ الجيّار بمحلّه بماكينات خياطة تعود إلى العصر العثماني، وأغلبها متآكلة وطغا عليها الصدأ وعلى الرغم من عدم الاستفادة منها، وانتهاء العمل بها، إلا أنّه لا يستطيع الاستغناء عنها فهي إرثه في هذه الحياة حسب قوله.
ويقوم بإصلاح جميع أنواع الماكينات،منها الماكينات التي تعمل بتحريك اليد والتي تعمل بتحريك القدم والماكينات الحديثة التي تعمل بالمحركات الكهربائية، ويزيل الصدأ عن القديمة منها ليُعيد لها الحياة من جديد.
ويقول الجيّار: ” لقد بدأت العمل بهذه المهنة قبل الانتفاضة الأولى وواجهت العديد من الصعوبات من الجانب الإسرائيلي كمنع التجول، والقاء قنابل مسيل للدموع، إضافة إلى الانتفاضة الثانية والحروب المتكررة على قطاع غزة.”
ويضيف: ” أنّ المواطنون يذهبون لمحلات الخياطة بدلًا من اقتناء الماكينات، وذلك بسبب التطور التكنولوجي، وتأثير الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يمر بها قطاع غزة المُحاصر منذ ستة عشر عامًا.”
وبفعل الاوضاع العامة، أصبح هناك ضعف إقبال على إصلاح الماكينات، إلا أنّ زكريا الجيار لا زال يحلم بعودة مجال تصليح الماكينات، و يقول: ” مهنتي لا أستطيع التخلّي عنها أبدًا وروحي متعلّقة فيها وكُلّي أمل بعودة الإقبال عليها يومّا ما”.