غزة بوست – تل أبيب :
توصلت دراسة نشرها “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب اليوم، الأحد، إلى استنتاج مفاده أن آلاف الغارات الإسرائيلية في سورية، وفي دول أخرى، خلال العقد الأخير والتي توصف بـ”المعركة بين حربين”، قد استنفذت معظم غاياتها “وحتى أنها تسببت بنتائج سلبية غير مقصودة وتتزايد شدتها”. إلا أن الدراسة توصي بمواصلة هذه الغارات بشكل مختلف.
وتهدف هذه العمليات العسكرية العدوانية التي بدأت كعمليات موضعية، حسب الدراسة، إلى منع نقل أسلحة متطورة من سورية، التي أخذت تتفكك في أعقاب اندلاع الحرب الأهلية فيها، إلى حزب الله في لبنان، ثم تطورت إلى معركة واسعة من الناحية الجغرافية، وتم إرسائها في مفهوم الممارسة العسكرية الإسرائيلي وبضمن ذلك بالوثائق الإستراتيجية للجيش الإسرائيلي.
وأشارت الدراسة إلى تغيّرات إقليمية – بينها استقرار النظام السوري، تحسن العلاقات بين إيران وخصومها في المنطقة واستمرار ابتعاد الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط – تطرح تساؤلات حول ما إذا كانت الفاعلية الشاملة لهذه العمليات العدوانية لا تزال تخدم مصلحة إسرائيل، في مستويات تتجاوز استهداف الأهداف التي يتم قصفها.
ووفقا للدراسة، فإن اتساع هذه العمليات العدوانية الإسرائيلية ساعد وبلور نشوء “محور المقاومة” بقيادة إيران والذي يعمل بشكل مكثف أكثر ضد إسرائيل، “لدرجة تزايد كبير في خطر المواجهة المتعددة الجبهات وبالتزامن مع أعداء مختلفين” لإسرائيل.
واعتبرت الدراسة أنه جرى خلال هذه العمليات الإسرائيلية “التعبير عن القدرات الجديدة للجيش الإسرائيلي في مجالات الاستخبارات الدقيقة، العمليات الجوية والسرية، السايبر وغيرها. إلا أنه يتبين من دروس الماضي أن التركيز على هذه القدرات قد يؤدي إلى تأثير سلبي في عدة مجالات: المعركة بين حربين تلزم باستخدام أدوات ثمينة وتركيز قيادي بالغ نسبيا، على حساب مهمات أخرى للجيش الإسرائيلي، وفي مقدمتها الاستعداد لحرب واسعة“.
وأضافت أن “أساليب العمل في المعركة بين حربين – كمية المعلومات الاستخبارية الهائلة وقيادة مركزية وفائض القوة المخصص لتنفيذها بدقة – يتناقض مع طبيعة القيادة والعمل الذي سيتطلب التغيير إلى حرب كبيرة، وثمة تخوف من أن تكون للقيادة والقوات صعوبة في التأقلم لظروف حرب كهذه“.
وتطرح الدراسة توصيات للمستقبل، بينها “البحث بعمق في أهداف المعركة بين حربين وإنجازاتها واتجاهات العمليات المستقبلية، من خلال دراسة التغيرات الجارية في المنظومة الإقليمية والدولية وتحديد وضع إنهاء هذه المعركة“.
كذلك أوصت الدراسة “بتركيز عمليات المعركة بين حربين على أهداف تمنع تعاظم قوة العدو فقط لا غير، وخاصة حزب الله، وعدم المبالغة في تعظيم رموز مثل ’تموضع إيراني في سورية’”.
وتوصية أخرى تطرحها الدراسة تقضي “بدراسة الوضع في سورية على حقيقته وبلورة أساليب عمل مختلفة مقابل المناطق المختلفة في أراضيها. ويجب في هذا السياق إعادة التفكير في فائدة معاجمة أهداف مدنية للنظام“.
كذلك دعت الدراسة إلى إعداد جيش الاحتلال لحرب متعددة الجبهات، “من خلال بحث معمق لقدراته واستئناف الانتباه إلى جوانب جرى إهمالها، وبشكل خاص في سلاح البرية. وفي موازاة ذلك التلويح بقوة، من خلال تصريحات وعمليات عسكرية، أن إسرائيل لا تخشى حربا شاملة وغير مستعدة لقبول ’خطوط حمراء’ يحددها العدو“.
وأوصت الدراسة أيضا “ببلورة وممارسة طرق تأثير ليست عنيفة وسرية وسياسية في المنطقة، وخصوصا في سورية ولبنان. وإنشاء تحالفات إقليمية وعالمية تشكل ثقلا مضادا ضد ’محور المقاومة’ وعلاقته مع روسيا والصين، وتساعد الهدف السياسي البالغ الأهمية باستئناف اهتمام وتدخل الولايات المتحدة في المنطقة“.
ودعت إلى “البحث في طرق الدراسة وبلورة مفاهيم الجيش الإسرائيلي ودراسة مدى تأثرها بنجاحات موضعية لممارسة القوة والحفاظ على إنجازات، وليس من نظرة ثاقبة نحو المستقبل“.