رجا طلب يكتب لغزة بوست
دخلت دولة الاحتلال وبعد الأسبوع الثلاثين من الاحتجاحات الكبرى الرافضة للتعديلات القانونية التي بدأ بتنفيذها نتنياهو منذ تشكيل حكومته اليمينية في آواخر العام الماضي، دخلت مرحلة توصف بأنها من أخطر المراحل التي مر بها الكيان منذ قيامه عام 1948، والتي تهدف إلى تقليص صلاحيات المحكمة العليا في فحص ونقض القوانين التي يقرها الكنيست أو ما يصطلح عليه «حجة المعقولية».
في داخل دولة الاحتلال، لا قضية أهم من قضية التعديلات فالأمر ووفقاً لعدد من الكتاب والمفكرين في المعسكر المناهض لليمين الديني المتطرف الذي يسيطر على حكومة نتنياهو لم يعد خلافاً سياسياً بين معسكرين أو تنافساً انتخابياً بل دخل مرحلة الصراع على الهوية والطبيعة الوجودية للكيان ومستقبله.
وبحسب الاستطلاع الذي أجرته صحيفة معاريف بالتعاون مع معهد (مناحم لزار) الأسبوع الماضي أن الوضع الإسرائيلي «خطر»، وأن 58 بالمئة يخشون من حرب أهلية، كما آظهر الاستطلاع المشار إليه أن %49 يعتقدون أن «الجيش الإسرائيلي» سيصل إلى حالة عدم الكفاءة، وأن 22% من سكان دولة الاحتلال يفكرون بمغادرته، وأن 4% منهم بدأوا بالفعل باجراءات الهجرة.
فهذه هي النتيجة التي وصلت إليها اليوم دولة الاحتلال بعد 75 سنة من انشائها، والتي كانت توصف بأنها الدولة الأعظم في الشرق الاوسط، وأنها واحة الديمقراطية الوحيدة الموجودة على حواف الصحراء العربية كما كان يحلو لمناصري هذا الكيان وصفنا، والسبب في الوصول لهذه الحالة هو الجوع «للسلطة المطلقة» والتفرد بها، والقفز عن كل المحددات التي تحكم هذا الاحتلال، فنتنياهو الذي كان الغرب والولايات المتحدة يعتقدون أنه الأكثر ليبرالية وإيماناً بالديمقراطية خلال حقبة الثمانينات واثناء وجود إسحاق شامير وشارون وارينز وغيرهم من المتطرفين «الاشكنازيم»، ها هو اليوم يظهر عارياً سياسياً وعلى حقيقته، شخصية ديكتاتورية وفاسدة تغازل الفساد في منظومة الدولة الإميركية التي تتحالف معه وبخاصة عتاة الحزب الجمهوري الذين قدموا له الدعم بكل أشكاله منذ بروزه كقيادي شاب داخل حزب الليكود في منتصف الثمانينات وإلى اليوم.
المعارضون لديكتاتورية «ملك إسرائيل» ليسوا قلقين من حرية التعبير بل هم قلقون من حرية الاعتراض على التشريع، وهي القضية المفصل، وكيف يمكن كف يد الحكومة عن التأثير بالمحكمة العليا؟.
ومن أبرز القضايا التي اعتبرها المعارضون لنتنياهو قضايا مفصلية أيضاً، الأمن بأبعاده العسكرية والاستخبارية، والأمن الاقتصادي، ومن بين أبرز ما كتب في هذا الاتجاه ما جاء في مقال «نحاميا شترسلر» في صحيفة هارتس وتحت عنوان (نتنياهو القيصر يحرق اسرائيل)، وخلاصته (نتياهو أصبح لا يبالي بما تقوله المؤسسات المالية الدولية وما يظهره الواقع الاقتصادي في إسرائيل ويبدو أنه أصبح يعيش في عالمه الخاص وهو مصاب بمتلازمة نيرون).
تقول الكاتبة وبسخرية لسكان دولة الاحتلال «إن نتنياهو نجح فى أن يحولنا إلى دولة الجميع يضربها وجهات اقتصادية دولية مثل موديز وبنوك عالمية كبرى في أميركا لا تترد في المس بنا»..ـ وتخلص الى ان سلوك نتنياهو يذكر بسلوك القيصر نيرون في العام 64 ميلادي عندما وقف فوق أحد تلال روما وأخذ يعزف على قيثارته بعد أن قرر حرق روما ليعيد تنظيمها، وبعدها أحرق نفسه وانتحر.
أغلب الاعتقاد أن نتنياهو أنتهى سياسياً، وهو يأخذ دولة الاحتلال إلى الحريق، وهو أمر غير مأسوف عليه، إلا أن الأمر المهم كيف لنا أن نستثمر هذا الوضع الحرج والدقيق للاحتلال من أجل لجم سياساته التوراتية تجاه المسجد الأقصى وخرق أسس الرعاية الهاشمية للمسجد الأقصى ووقف اجراءاته الخطيرة في ممارسة طقس «ذبح البقرة الحمراء» وهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل الثالث والتي يبدو أنها باتت قريبة.