عدلي صادق يكتب لغزة بوست :
يُعد محمد بازوم، الرئيس العاشر لجمهورية النيجر، والرئيس الأول من أصول عربية ليبية، وتحديداً من عشيرة “ولد سليمان”. ومن المفارقات أن فرنسا التي تنافح عنه لكي يعود، هي التي يتوجب عليه، قبلئذٍ، أن تنظر في المرآة مرة، وأن تسلط الضوء مرة أخرى، على أوضاع النيجر تحت تأثريها المديد، منذ استعمارها للبلد ووقوعه تحت سلطتها الإمبريالية سنة 1922 حتى منحها الاستقلال الصوري سنة 1960 وما بعد ذلك، عندما أصبحت النيجر تُصدّر اليورانيوم للفرنسيين وغيرهم لكي يصنعوا القنابل النووية.
النيجر بلد مغلق، غير ساحلي، في غرب إفريقيا. الفرنسية هي لغته الرسمية، وفي عاصمته نيامي، نشأت منظمة الفراكفونية سنة 1970ز هو بلد يغلب على طقسه الجفاف، بل إن الجفاف في كل شيء، علماً بأن كلمة النيجر، منحوتة من كلمة أمازيغية معناها “نهر الأنهار”. يسكن النيجر نحو 15 مليون إنسان ونصف المليون، غالبيتهم العظمى بغير تعليم ولا صحة ولا خدمات، وهي من أفقر بلدان العالم على الرغم من اليورانيوم. ليس للناس سوى بعض الأغنام وبعض الزراعة البعلية، التي يقتنصها الناس من مساحتها الشاسعة، التي تصل الى نحو مليون وربع المليون كم مربع.
فرنسا التي تدعم فخامة الرئيس بازوم، وهي التي افتعلت شكلاً ديموقراطياً للحكم تخللت سنوات العديد من محاولات الانقلاب العسكري؛ لا تتحسس نتائج لؤمها وتركها الملايين من سكان النيجر محرومين من أبسط الحقوق الإنسانية، حتى أصبح الناس يتطلعون الى إغاثة روسية، على طريقة “جبتك يا عبد المُعين”.
المفارقة أن الرئيس العربي الذي كان يحكم النيجر، لم يرَ يداً عربية تحط يدها أو حتى تسهم بلسانها في محاولات إنقاذه، ما خلا تصريح جزائري يعارض التدخل العسكري.
في المحصلة، ليست الوقائع الاجتماعية الاقتصادية إلا العوامل الأهم في صناحة الحدث السياسي، سلباً أو إيجاباً، ولن تفلح محاولات التعاطف الفارغ من أي مضامين، عندما يتبدى الحدث السلبي، سواءٌ بالاضطراب الداخلي أو الإنقلاب. فمن هنا ارتسمت محنة بازوم.