رجا طلب يكتب لغزة بوست :
مع بدء العد العكسي لموعد الانتخابات الاميركية في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام المقبل، تحرص إدارة بايدن على تحقيق اختراق في سياستها الخارجية لزيادة فرص فوزها بتلك الانتخابات وبخاصة حيال ملف الشرق الأوسط المعقد والمتشعب والذي بالكاد باتت تسيطر عليه، وملف الحرب في أوكرانيا والذي تخاف ان يخرج تماما من تحت سيطرتها وتعالجه بمزيد من إمدادات السلاح لكييف.
وللتوضيح اكثر فان ملف الشرق الاوسط هو في الواقع يتكون من عدة ملفات متشابكة من ابرزها على الاطلاق الملف النووي الايراني وملف الامن في الخليج العربي وتفاعلات الوضع الداخلي الاسرائيلي، وبالتدقيق في المشهد نجد ان ادارة بايدن لا تولي أي اهتمام يذكر تجاه حل سياسي للصراع الفلسطيني – الاسرائيلي وتحرص قدر الامكان على أن لا يخرج هذا الصراع عن السيطرة وأن تبقى قنوات التفاهم والتنسيق الامني بين الجابين الفلسطيني والاسرائيلي سالكة ومؤثرة دون ادنى اهتمام بالحل السياسي اي الاعتماد بشكل كامل على (الحل الامني) حتى وان حاول? ادارة بايدن اظهار اهتمامها الاعلامي بحل الدولتين والذي بات من الناحية العملية خارج امكانبة التطبيق.
وفي اطار استكشاف رؤية ادارة بايدن لملف الشرق الاوسط يأتي الاهتمام الابرز بايران والعمل على احتوائها وبخاصة نشاطها النووي وضبط عمليات تخصيب اليورانيوم، بالاضافة لبذل جهدها في عرقلة التغلغل الصيني في المنطقة وتحديدا بعد انجاز التفاهم الايراني – السعودي، حيث اخذت الادارة الاميركية تنظر إليه من زاوية «تقليص» نفوذها في منطقة صنفت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية على انها منطقة نفوذ اميركية بحتة وبات هذا التغلغل للمارد الاصفر يشكل تحديا جديا لها.
وخلال الفترة القريبة الماضية وفي اطار ذلك الاهتمام نجحت واشنطن وبوساطة عمانية – قطرية بانجاز صفقة اطلاق المحتجزين الاميركيين الخمسة لدى طهران مقابل الافراج عن اموالها المحتجزة في كوريا الجنوبية والعراق والبالغة قيمتها ستة مليارات دولار اميركي، وهذه الصفقة تعد اغلى صفقة من هذا النوع على الاطلاق، كما تضمن اتقاق (الرهائن مقابل الدولار) عدة عناصر مهمة وحساسة احال الاتفاق الذي خرج للعلن فجاة وبدون مقدمات واحيط بسرية تامة خلال الاشهر الماضية احاله من اتفاق «فني» بشأن الافراج عن المحتجزين الى اتفاق امني مهم وغير ?سبوق بين البلدين، ومن اهم العناصر الاخرى التى تضمنها هذا الاتفاق ما يلي:
أولاً: وقف ايران تخصيب اليورانيوم عند درجة 60 بالمئة كمدخل للتفاوض لاحقاً على بنود اخرى بشأن النووي الايراني.
ثانياً: تلتزم ايران بكبح جماح الجماعات والميليشيات التابعة لها من اجل وقف الهجمات ضد الجنود والقوات الاميركية المتواجدة في مياه الخليج وفي العراق والاراضي السورية.
ثالثاً: موافقة طهران المبدئية على استئناف المفاوضات لاحقاً بشأن المشروع النووي الإيراني برعاية أوروبية.
بتقديرى أن هذا اتفاق أمني ومن طراز رفيع وغير مسبوق وجاء على وقع النجاح الصيني في تطبيع العلاقات السعودية – الإيرانية والذي رات فيه واشنطن أضراراً كبيراً بمدى سيطرتها على الوضع العام في منطقة الخليج العربي.
وباعتقادي أن هذا الأنجاز لإدارة بايدن ما زال بحاجة ليتعزز اكثر وذلك من خلال النجاح في إبرام اتفاق سلام مبدئي بين الرياض وتل ابيب وهو الأمر الذي يعتبره بايدن ورقته الرابحة والذهبية في سباق الرئاسة القادم وبخاصة في مجال السياسة الخارجية وهو ملف تشوبه العديد من التعقيدات واهمها على الاطلاق ان الرياض لا ترى في تلك العلاقة أي مصلحة استراتيجية لها وأنه يصب عملياً في صالح الاحتلال الاسرائيلي فقط .