غزة بوست – غزة :
54 عاماً مرت على اقتحام متطرف يهودي المسجد الأقصى المبارك، وأشعل النار فيه، والتهمت النيران أجزاءً واسعة من المصلى القِبلي وهو أهم مساجد الأقصى والتي تبلغ مساحته 144 دونماً تشمل المسجد القِبلي الأمامي.
فمنذ عام 1948 لم يتوقف الاحتلال الإسرائيلي عن تنفيذ سلسلة من الإجراءات المعلنة وغير المعلنة والتي تستهدف طمس الهوية الإسلامية والحضارية لمدينة القدس.
أضرار الحريق
ولم يكن يوم 21 آب (أغسطس) 1969، منفصل عن هذه السياسة والتي تمثلت في اقتحام متطرف إسرائيلي أسترالي الجنسية يدعى دينيس مايكل روهان للمسجد الأقصى من باب الغوانمة، وأشعل النار في المصلى القبلي بالمسجد الأقصى.
وشبّ الحريق في الجناح الشرقي للمصلى الواقع في الجهة الجنوبية من المسجد الأقصى، ودمر الحريق واجهات المسجد الأقصى وسقفه وسجاده وزخارفه النادرة وكل محتوياته من المصاحف والأثاث، وتسبب بضرر في البناء بشكل كبير، وتطلبت عمليات الترميم سنوات عديدة لترميمه وإعادة زخارفه كما كانت.
وقضى الحريق على ألف وخمسمئة متر مربع من الجزء الشرقي في المسجد القبلي ودمر معالم مهمة أبرزها منبر صلاح الدين، وأجزاء من مسجد عمر الذي شُيدت سقوفه بالطين والجسور الخشبية، كما ألحق أضراراً بمحراب زكريا ومقام الأربعين المجاور له.
منبر صلاح الدين
ودمر الحريق منبر المسجد الأقصى، والذي أحضره صلاح الدين الأيوبي من مدينة حلب، عند دخوله بيت المقدس عام 1187م، ويتمتع هذا المنبر بمكانة تاريخية كبيرة، وجاء بنائه بأوامر من السلطان نور الدين زنكي استعداداً ليوم تحرير الأقصى.
وبعد نشوب الحريق عرقل الاحتلال الإسرائيلي إرسال سيارات الإطفاء، كما قطع المياه عن المسجد القبلي، ما دفع الفلسطينيون إلى إخماد النيران، باستخدام ملابسهم وبالمياه الموجودة في آبار المسجد الأقصى من الداخل.
واستمرت أعمال الترميم حتى عام 1986، واستؤنفت الصلاة في الجزء الجنوبي من المسجد، وبقي المنبر الحديدي حتى عام 2006، حتى يُصنع منبر على شاكلة الذي حرق.
وأعدّ الأردن منبراً بديلاً يماثل منبر نور الدين زنكي ووُضع في الأقصى عام 2006.
وضلّلت الحكومة الإسرائيلية الرأي العام الدولي من خلال زعمها بأن الحريق كان بفعل تماس كهربائي، وليس بفعل حريق متعمد، إلى أن أثبت المهندسون العرب أنه تم بفعل فاعل.
وذكرت جهات رسمية إسرائيلية بأن شاباً أستراليا يُدعى دينيس مايكل روهان هو المسؤول عن الحريق وأنها ستقدمه للمحاكمة ولكن سرعان ما أُعلن أننه معتوه ثم أطلقت سراحه.
ردود فعل
واجتاحت الساحة الدولية والإسلامية موجة عارمة استنكارا لحرق المسجد الأقصى، فعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً وأصدر خلال جلسته قرار رقم 271 لسنة 1969، بأغلبية 11 صوتا وامتناع أربع دول عن التصويت من بينها الولايات المتحدة الأميركية، وجاء في القرار أن “مجلس الأمن يعبّر عن حزنه للضرر البالغ الذي ألحقه الحريق بالمسجد الأقصى، ويدرك الخسارة التي لحقت بالثقافة الإنسانية نتيجة لهذا الضرر”.
وعلى الصعيد العربي والإسلامي، تسبب احراق المسجد في حالة غضب عارمة، ونُظمت التظاهرات في كل الدول العربية والإسلامية.
واجتمع قادة هذه الدول في الرباط يوم 25 (أيلول)سبتمبر 1969 وقرروا إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي (منظمة التعاون الإسلامي حاليا) التي تضم في عضويتها جميع الدول الإسلامية، وكان الملك السعودي الراحل فيصل بن عبد العزيز صاحب الفكرة، إلا أن المنظمة لم تستطع وقف أعمال التخريب وتدنيس الأقصى حتى هذا اليوم، كما أنشأت صندوق القدس عام 1976.
وبعدٍ عامٍ من الحريق، بدأت أعمال الترميم فيه بإشراف دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية.