د. طلال الشريف يكتب لغزة بوست :
فتح كبيرة وكبيرة جدا أكبر من ان تبقى بشكلها وجوهرها الحالي ولأن كل المؤتمرات والاوراق والقرارات والانتخابات لم تنهض بفتح والسبب بصراحة أن فتح توازي القضية الفلسطينية في فعلها وقبولها العربي والدولي وتمثيلها للشعب الفلسطيني.
فتح كانت وستبقى البندقية والسلام والنظام والإدارة والتمثيل لا غبار على ذلك.. لكن اين مشكلة فتح؟
رغم ان فتح بها تنوع فكرى من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار فإن هذا التنوع لم يسعفها في وحدة التنظيم البشري ولم يمنع الانشقاقات والخلافات التي شابتها وكانت دائما تحت السطح وخاصة بعد إقامة السلطة الوطنية وعودة فتح إلى الأرض المحتلة وتغير المصالح ومستلزمات القيادة وتحديات المستقبل وخاصة الإجابة على سؤال رسبت فيه كل التنظيمات الفلسطينية وهو كيف توائم بين الوطني والاجتماعي؟ وهنا نرجع للأساس االتنظيمي الذي يشكل الحامل السليم للموائمة بين الوطني والاجتماعي.. وبالمناسبة هذه مشكلة عامة داخل الاحزاب والحركات الفلسطينية ولان فتح الأفضل ديمقراطية داخلها انفجرت المشكلة التنظيمية.، وعلى فتح تقديم النموذج للحل السليم لعله يصلح الآخرين ويصلح النظام السياسي الذي تقوده فتح.
المشكلة التنظيمية هي قبل اوسلو وبعد اوسلو وستبقى تؤرق فتح وتربكها أحيانا من مرحلة لمرحلة ولا نريد ذكر الماضي والحاضر المعروف من خلافات أدت في مراحل عدة إلى حتى إنشقاقات ولكن لا أحد تطرق إلى حل المشكلة وهي صيغة التنظيم الموحد الذي إمتلك ويمتلك وسيمتلك أعداد كبيرة وهائلة من القادة منهم من أخذ فرصته ومنهم من ضاع جهده وكاريزميته بسبب سوء الإدارة التنظيمية فبقدر ما كانت فتح تنتج عملا ايجابيا لصالح القضية الفلسطينية كانت تنتج داخليا خلافات واشكاليات وظلم وأحيانا قهر لأعضائها وقادتها المتنفذين وغير المتنفذين أي الذين هم في الظل ولم تستغل طاقاتهم القيادية ومضوا في الطريق وفي حلوقهم غصة على ضياع طاقتهم المخزونة التي هدرها التنظيم دون انتباه أو تقدير حيث درجت فتح على الاهتمام والتركيز على الأبوات القادة في كل مرحلة وهذا هو السبب الرئيسي فيما يواجه تلك الحركة المركزية في منظمة التحرير وفي تحملها للمسؤولية عن إدارة الصراع وتشابكات ومتطلبات القضية الفلسطينية.
فتح الحركة الكبيرة يجب ان يتغير نظامها الدخلي وأن لا تبقى في صيغة حركة او حزب ضيق في ادارة القوة البشرية داخلها بل يجب ان تصبح تكتل او تجمع او ائتلاف متفق عليه وملزم في الرؤية السياسية ومجتهد ككتل في رؤيتها لإدارة السياسة وكل مناحي إدارة الشأن العام والسلطة والدولة حين قيامها ، بمعنى آخر هذه الكتل التي تشكل التكتل او التجمع الفتحاوي تأخذ كل منها حريتها ومن يؤيدها في الاجتهاد بين الجمهور بما تراه بأفكارها وبرنامجها التي تلتزم حديديا فقط بالرؤية السياسية الموحدة التي هي أساس إجتماع كل الفتحاويين عليها…
فلتبق كل جماعة مستقلة فيما قد تحرزه من أصوات في أي انتخابات لكن تحت مظلة الرؤيا السياسية ولتخرج من التكتل أينما أرادت إذا اختلفت مع تكتل او تجمع فتح في الرؤية السياسية فقط، وهذا يحل إشكال فتح الحالي الذي يختلفون فيه من يكون في المجلس الثوري ومن يكون في اللجنة المركزية ومن يكون الوزير ومن يكون المدير ومن يكون القائد ..
يتحاور كل الفتحاويون وينضمون لكتل تمثلهم داخل التجمع الفتحاوي وكل بشعبيته ورضا الجمهور عنه يحرز اصواته ويحرز وزنه داخل تكتل فتح الكبير وبثقله الحقيقي يأخذ موقعه في قيادة التجمع وليس شللا عشوائية تقررها المصلحة الخااصة او قائد التنظيم.
أليس فتح تحتوي في مواقفها ورؤيتها السياسية تنظيمات صغيرة ليست فتحاوية التنظيم، وهذه التنظيمات غير الفتحاوية هي حرة في ادارة شؤونها الداخلية وتعتبر روافد لفتح تجري قيادة فتح وراءها عند اللزوم لتستقوي بها عند اللزوم.
فلتصبح كتل فتح داخل التكتل الكبير كما هذه التنظيمات غير الفتحاوية أصلا تحت لواء الرؤية السياسية والأمثلة معروفة …
نعم أن قادة ورجال فتح السابقين والحاليين منهم كثير من القادرين على صناعة كتل مستقلة الادارة أكبر بكثير من حجم هذه الاحزاب الصغيرة العدد غير الفتحاوية، وتلك القيادات الفتحاوية المظلومة تاريخيا وحاضرا ومستقبلا داخل تتظيم فتح هو اهدار للطاقات .. فتح أكبر من عشرين تنظيم في فلسطين لكن ادارة التنظيم والقوى البشرية ظالمة للقدرات والطاقات .
تجمع أو تكتل فتح هو الصيغة المستقبلية لفتح ودونها سيبقى التنظيم الفتحاوي كبير العدد يمنع التطور السياسي والاداري والتنظيمي عن هذا الكم الكبير من الفتحاويين..
توضع لوائح تنعم بالحرية والالتزام لكتل عدة يتشكل منها تكتل او تجمع فتح الكبير لتحضير وتطوير هذا الكم الفتحاوي من الفلسطينيين لينتج أفضل، ويتخلص من المشاكل التي هي في معظمها ذاتية او شخصية او مواقعية أخرت الحركة عن التطور نحو مسؤولياتها الكبرى.
هناك وقت لتعميق الحوار والنقاش حول الفكرة حتى لو تأجل المؤتمر الثامن قليلا ولفحص عوامل نجاح وصيانة الفكرة في أن تصبح فتح تجمع او تكتل ولكن بطريقة علمية ولها نظامها ولوائحها وليست شللية عشوائية فلتكن شللية بصيغة كتل منظمة على أسس قانونية وتنظيمية وليست خواطر ومصالح وكيد ونكاية، بل بجهد من في كل كتلة للحصول على مواقع القيادة وتقديم الطاقات الحقيقة لجعل الفتح أكثر حضارةً وانتاجاً وفعاليةً..