غزه بوست
بايدن وخامنئي يمكنهما إرغام نتنياهو على اتخاذ قرار،
المؤلف: ألوف بن
يقترب بنيامين نتنياهو من الوضع الذي يكرهه كثيراً؛ اتخاذ القرار. وهذه المرة، عليه أن يختار بين وقفالحرب أو صفقة التبادل كما تسمى في إسرائيل، وبين استمرار المناورة السياسية والدبلوماسية من أجلالحصول على مزيد من الوقت إلى أن يحدث شيء لمصلحته، كما فعل منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر،وأساساً منذ وصوله إلى السلطة.
وقد بدأت المرحلة الحالية من الحرب عندما أخذت إسرائيل زمام المبادرة في سلسلة اغتيالات لقادة“حماس” وحزب الله في غزة ولبنان وطهران، ومن غير الواضح إذا ما كان نتنياهو ورؤساء الجيشوالاستخبارات اعتقدوا أن الاغتيالات ستغير كفة المعركة، أم إنهم اعتقدوا أن النجاحات العملياتية سترفعمن معنويات الجمهور والجيش المستنزَف. صحيح أن المعنويات الإسرائيلية ارتفعت لبضعة أيام، لكناتضح بعدها أن العدو لم يستسلم، إنما هو الآن يهدد بالرد الصعب. إن الفرحة عقب عملية “جيمس بوند”تحولت سريعاً إلى قشعريرة في الظهر وهلع من شتاء الصواريخ المتوقع من لبنان وإيران واليمن وبقيةخلايا “حلقة النيران” التي تحيط بإسرائيل.
إذا تمت إقامة لجنة تحقيق في إخفاقات الحرب – يوماً ما – فسيكون عليها أن تفحص كيف فشلتإسرائيل في فهم التحول في السياسة الإيرانية وقرار القائد علي خامنئي الرد مباشرة على الاستفزازاتالمتكررة للنظام الصهيوني بدلاً من التجاهل والاختباء وراء الحلفاء والمنظمات في الجبهة. إن الرسالة لمتصل إلى هنا، حتى بعد القصف الصاروخي والمسيّرات التي أطلقها الإيرانيون في نيسان/أبريل كردعلى اغتيال ضابط في الحرس الثوري في دمشق، ومنذ ذلك الوقت، تبيّن أن الاستخبارات الإسرائيلية،على الرغم من كل إنجازاتها التكتيكية اللافتة، فإنها لا فكرة لديها عما يجول في رأس وساحة القائدالأعلى في طهران. إن تقديرات الاستخبارات كانت ولا تزال “سيكون كل شيء بخير.“
خامنئي لم يكن الوحيد الذي استغل الخطأ الإسرائيلي ونظر إليه كفرصة، بل أيضاً الرئيس جو بايدن،الذي يريد وقف الحرب في غزة وتحرير الحملة الانتخابية لنائبه كاميلا هاريس من غضب الداعمينللفلسطينيين، شخّص فرصة غير مسبوقة من أجل ثني يد نتنياهو. وإن إدارة بايدن تقود خلال الأسابيعالماضية خطوة مضاعفة؛ ضغوطاً على خامنئي ونصر الله كي لا يستعجلا ضرب إسرائيل، ويمنحا وقفإطلاق النار في غزة فرصة تجعلهم المخلصين للفلسطينيين، وفي الوقت نفسه إرسال قوات أميركية كبيرةإلى المنطقة، والمصادقة على صفقة سلاح كبيرة للجيش سيتم تنفيذها على يد الإدارة المقبلة.
عملياً، يقول بايدن لنتنياهو: “قم بإنقاذ حيفا وتل أبيب من الخراب، وستحصل في المقابل على جزء منالمخطوفين وحزمة مساعدات من أجل ترميم الجيش، وفي المقابل، انسحب من غزة وحرر الأسرى الكبارالفلسطينيين، وامنح السنوار إمكان قول إنه انتصر.“ وفي الوقت نفسه، يسمع نتنياهو في البيت أصواتبن غفير وسموتريتش اللذين يهددان بإسقاط الحكومة، وفي المقابل صوت يوآف غالانت وزير الدفاع الذيفقد الأمل في الانتصار، ورؤساء الجيش والاستخبارات الذين، بحسب التسريبات، “يدعمون الصفقة”،وهو ما يعني أنهم يتمنونها. إنهم يعرفون أنه على الرغم من تهديداتهم بـ”ضرب كل مكان”، فإن إسرائيللن تصل إلى الانتصار المطلق على إيران وحزب الله، وفي كل مواجهة معهما، ستحتاج إلى الدفاعالأميركي اللصيق، ومساعدة من الدول السنية. ومن يدافع عنها، يستطيع أيضاً طلب مقابل.
نتنياهو كان يفضل تشويه سمعة الجميع إلى أن يخفت الرد الإيراني، وأن يستمر في اللعب بهم جميعاًبسياسة فرّق تسد، وذلك لأنه إن وافق على وقف إطلاق النار، فإن ميزان التهديد الداخلي بين اليمينالمتطرف وقيادات الجيش، الذي أبقى على الجميع جالسين في مقاعدهم على الرغم من مسؤوليتهم عنالكارثة، يمكن أن ينهار في لحظة، وذلك على الرغم من أنه لا يوجد اليوم أي بديل حقيقي لنتنياهو، ولايوجد من يطرح سياسة بديلة أو هيئة أركان بديلة.
لكن حتى لو اختار السير مع بايدن وخامنئي والذهاب إلى صفقة، وتحدي بن غفير وسموتريتش بتفكيكالحكومة وفقدان موقع القوة لديهما في الشرطة والمالية، فإن نتنياهو يمكن أن يربح، وذلك لأن وقف إطلاقالنار الآن سيخدم أهدافه العليا بحيث تكون “حماس” حية لكن ضعيفة، وقوية بصورة كافية لإحباط أيترتيبات أو مفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية على تقسيم الأرض، وفي الوقت نفسه منشغلةبما يكفي بإعادة ترميم الهدم في غزة من أجل الخروج إلى هجوم آخر، على الأقل طالما لا يزال نتنياهوفي السلطة. وهذا السيناريو أيضاً مغرٍ بالنسبة إلى رئيس الحكومة.