قال ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، إن التحولات الجذرية في الرأي العام الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية ودولة الاحتلال تُعبّر عن يقظة أخلاقية عالمية آخذة في التشكل، رغم القبضة الإعلامية المحكمة التي تفرضها دوائر نفوذ غربية سياسية وإعلامية متواطئة مع منظومة الاحتلال، والتي تواصل بشكل مُنظم اعادة إنتاج سرديات اسرائيلية زائفة تهدف إلى تشويه الحقيقة، وتكرّس خطاباً إقصائياً يسعى إلى نزع الشرعية الإنسانية والسياسية عن شعبنا الفلسطيني. هذا التحول لا يُقرأ بوصفه مجرد تبدل في المواقف، بل يُمثّل انعطافة عميقة في وعي الشعوب الحرة التي بدأت في فضح الزيف الأخلاقي والسياسي والتاريخي الذي لطالما غلّف المشروع الاستعماري الإحلالي الإسرائيلي، ورفض الاصطفاف الأعمى خلف ماكينة جرائم الحرب الاسرائيلية.
وأوضح دلياني أن ما رصدته بيانات مركز بيو للأبحاث ليس مجرّد تغيرٍ في المزاج الشعبي، بل زلزال في بنية الوعي السياسي العالمي تجاه طبيعة المشروع الإسرائيلي نفسه؛ مشروع استيطاني إحلالي توسعي مبني على التطهير العرقي، تأسس على أيديولوجيا إبادية وتفوّقٍ عنصري. وأضاف أن هذا التحول العميق يشير إلى تآكل متسارع في الشرعية الزائفة التي لطالما تسلّحت بها دولة الاحتلال، شرعية اصطُنِعت إعلامياً وسياسياً في دهاليز مراكز النفوذ الغربي، بينما الواقع يؤكد أن ما يجري على الأرض هو منظومة إبادة جماعية وفصل عنصري وتطهير عرقي، تُمارس بلا رادع وبحماية مباشرة من أنظمة سياسية وإعلامية دولية فاسدة ومتواطئة.
ولفت القيادي الفتحاوي: “إلى البيانات التي تُظهر أن 53% من الأمريكيين أصبحوا ينظرون إلى دولة الاحتلال بشكل سلبي، مقارنة بـ42% فقط قبل ثلاث سنوات. وهذه هي المرة الثانية خلال شهرين التي تُظهر فيها اهم وأكبر مراكز الاستطلاع الأمريكي غالبية شعبية تنظر بسلبية لدولة الاحتلال. هذه ليست مجرد إحصائية، بل إدانة أخلاقية واضحة لنظام احتلال عسكري قائم على الإلغاء الكامل لشعب بأسره”.
وأضاف: “ليس غريباً أن تظهر أعلى نسب التحول في الرأي العام بين الأجيال الشابة من الجمهوريين والديمقراطيين، فالجمهوريون دون سن الخمسين ينقسمون اليوم بنسبة شبه متساوية بين الرأي السلبي والإيجابي تجاه دولة الاحتلال الإسرائيلي (50% مقابل 48%)، في انعكاس واضح لتحول جذري في الوعي السياسي الأمريكي نحو رفض الولاء الأعمى والدعوة للمساءلة الأخلاقية لمشروع استعماري عنصري دموي تحميه النخبة السياسية الأمريكية الفاسدة والمُفلسة اخلاقياً”.وتابع دلياني: “تفيد البيانات أن 52% من الأمريكيين لا يثقون برئيس حكومة الاحتلال الفار من العدالة الدولية، فيما تصل نسبة انعدام الثقة به بين المسلمين الأمريكيين إلى 87%، من بينهم 74% يعبرون عن انعدام ثقة بشكل مطلق. هذه الأرقام لا تُقرأ كأرقام عابرة، بل كمؤشر صارخ على انهيار البنية الإعلامية والسياسية التي صنعت شرعية وهمية لدولة الاحتلال”.وفي ما يتعلق بحل الدولتين، أكد دلياني أن “الانهيار الحاد في نسبة الاعتقاد بجدوى هذا الحل، إلى 46% فقط، يعرّي فشل الأطر السياسية التقليدية التي لم تسعَ لإنهاء الاحتلال، بل لإدارته وتجميله دولياً. ما نريده ليس تعايشاً تحت الحصار والإبادة والفصل العنصري، بل تجسيداً لحقنا الطبيعي في التحرر والسيادة الكاملة، وهدم بُنية الظلم الإسرائيلي من جذورها دون مواربة”.
واختتم المتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح بالتأكيد على أن هذا التحول في المزاج الشعبي الأمريكي يمثل لحظة فاصلة تاريخياً، تفرض على صانعي القرار في واشنطن إعادة صياغة جذرية لسياساتهم، تبدأ باعتراف لا لبس فيه بحقوق شعبنا الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وتنتهي بمواقف واضحة تُترجم إلى إجراءات سياسية ملموسة لا رجعة عنها، باتجاه تثبيت حق شعبنا في تقرير مصيره بحرية
التعليق على هذا الموضوع