في تقرير مفصل، كشفت شبكة “سي إن إن” عن خطة إسرائيلية تهدف إلى إعادة تشكيل الواقع السكاني في قطاع غزة من خلال عمليات تهجير واسعة النطاق، مدعومة بموافقة ضمنية من الولايات المتحدة.
ووفقًا للتقرير، تسعى إسرائيل إلى تنفيذ عملية عسكرية موسعة تُعرف باسم “عربات جدعون”، تهدف إلى السيطرة الكاملة على القطاع. وقد صدرت أوامر إخلاء أو تم تصنيف ما يقرب من 80% من القطاع كمناطق عسكرية منذ 18 مارس/آذار، مما أدى إلى تقليص المساحة المتاحة للسكان بشكل كبير.
في هذا السياق، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن جميع سكان غزة، البالغ عددهم حوالي مليوني شخص، سيتم تهجيرهم إلى جنوب القطاع الذي تبلغ مساحته 140 ميلًا مربعًا. كما أشار وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، إلى أن هذه العملية قد تؤدي إلى سيطرة كاملة على القطاع.
تأتي هذه التطورات في ظل تدهور الوضع الإنساني في غزة، حيث يواجه السكان نقصًا حادًا في الغذاء والدواء والمأوى، مع تصاعد الدعوات الدولية لوقف العمليات العسكرية وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة.
تُظهر هذه الخطة الإسرائيلية تحولًا كبيرًا في السياسة تجاه غزة، مع التركيز على إعادة توطين السكان وتغيير الواقع الديموغرافي للقطاع، مما يثير مخاوف من تهجير قسري وتفاقم الأزمة الإنسانية القائمة.
%80 من غزة تحت “أوامر إخلاء“
وفقًا لشبكة “سي إن إن” الأمريكية، منذ أن انتهكت إسرائيل وقف إطلاق النار في منتصف مارس، أصبحت هناك منطقة محظورة تمتد على مسافة 2 إلى 3 كيلومترات داخل حدود غزة البرية، بما في ذلك منطقة عازلة بعرض كيلومتر واحد بجوار الأراضي الإسرائيلية، حيث تم تدمير المنازل والمصانع والأراضي الزراعية بشكل منهجي.
وأُنشئ ممر عسكري آخر في أوائل أبريل، وهو “ممر موراج” الذي رسمته إسرائيل في رفح، بهدف معلن هو “تقسيم القطاع”.
ويُعدّ هذا الممر واحدًا من أربعة مسارات على الأقل أنشأها جيش الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على غزة، حيث يهدم ويزيل جميع المباني والأراضي الزراعية لإفساح المجال له.
أصدرت قوات الاحتلال ما لا يقل عن 31 أمرًا بالإخلاء منذ 18 مارس من هذا العام، شملت مناطق واسعة من القطاع، بمعدل أمرين يوميًا أحيانًا.
في شمال غزة، رافقت هذه الأوامر مؤخرًا تعليمات بالتحرك جنوبًا، رغم استمرار الهجمات هناك أيضًا، وهذا الأسبوع، أصدر جيش الاحتلال أوامر إخلاء لمعظم جنوب غزة، مع توجيهات بالتوجه نحو منطقة المواصي، تحسبًا لما وصفه المتحدث باسمه بأنه “هجوم غير مسبوق”.
المتبقي أنقاض
معظم المناطق المتبقية التي لم تصدر فيها أوامر إخلاء أو عسكرة، تضررت بشدة، أظهر تقييم أجراه مركز الدراسات العليا بجامعة مدينة نيويورك أن 60% من المباني دُمِّرت، بينما أفادت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أن 92% من المنازل إما تضررت أو دُمرتن وأيضًا فإن 68% من الطرق تضررت، مما يزيد من تعقيد نقل المساعدات في القطاع.
وفيما يتعلق بالأراضي الزراعية، وجد تقرير نُشر في مجلة علوم الاستشعار عن بُعد أن نحو 80% من المحاصيل الشجرية -مثل الزيتون وأشجار الفاكهة- مُتضررة على الأرجح، بالإضافة إلى 65% من الصوبات الزراعية المُستخدمة لزراعة المحاصيل الغذائية مثل الطماطم والخيار والفلفل والفراولة.
كما أفادت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) بأن جميع الأراضي الزراعية في رفح، وتقريبًا جميع الأراضي الزراعية في المحافظات الشمالية، غير قابلة للوصول.
يُذكر أن منطقة المواصي بخان يونس، حيثُ أمر جيش الاحتلال العديد من السكان بالتوجه إليه، هي شريط ساحلي ضيق جنوب غزة، وكانت في السابق أرضًا زراعية ريفية، وبحلول فبراير، أصبحت المنطقة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في غزة.
التعليق على هذا الموضوع