تاريخ النشر:
14 يوليو 2022 18:37 GMT
تاريخ التحديث: 14 يوليو 2022 19:05 GMT
ما هي المحاولة الأولى لرحلة فضائية إلى القمر؟ على هذا السؤال قد يجيب الأكثر حذرًا أنها بعثات أبولو، فيما أكثرهم يقولون إنها ”الرحلة إلى القمر“، وهو الفيلم الشهير لجورج ميلييه لعام 1902.
مع ذلك، تبقى الإجابة الأكثر إثارة للدهشة هي صعود وانْ هُو Wan Hu الغريب إلى القمر، ففي القرن السادس يكون هذا الموظف الصيني السامي قد وضع بالفعل 47 صاروخًا على كرسيه للوصول إلى قمرنا الطبيعي، لكن هل نجح؟ هل هذه القصة جادة حقًا؟ هل كان حقًا أول رائد فضاء في التاريخ كما تميل بعض المصادر إلى تأكيده؟
قصة وانْ هُو المثيرة
وفقًا للتقرير الذي نشره موقع sciencepost يوم الأربعاء، حدث ذلك في الصين في القرن الخامس عشر الميلادي في عهد أسرة مينغ الشهيرة.
كانت الإمبراطورية قوية ومتعطشة لغزو الأراضي، لكن كل الأراضي في الجوار كان يحكمها جميعًا للأسف ملِك أو إمبراطور.
فسعيًا منه لجعل سلالة مينج تتألق خطرَ للموظف السامي وانْ هُو فكرة غير عادية إلى حد ما، فهذا الرجل لم يفكر في البحث عن مناطق جديدة في أي مكان، لأن استهداف القمر لا يخيفه إطلاقًا، ولأنه كان على يقين بالفعل بأن قمرنا الطبيعي مليء بالأراضي التي يمكن ويجب غزوها.
في تلك الفترة، كانت إمبراطورية مينغ تتقن صناعة المسحوق الأسود أفضل من أي امبراطورية أخرى، وكان الصينيون يتمتعون بإمكانية الوصول إلى الأسلحة النارية الأولى بفضل التجارة مع البرتغاليين، وهكذا جمع وانْ هُو هذه المعرفة لمشروعه. لقد أمر خدمه بصنع أول نموذج لمركبة فضائية، تتكون المركبة من 47 صاروخًا يعلوها مقعد، مزودة هُو نفسه بنظام توجيه مبتكر.
اندفاع وانْ هُو نحو غزو القمر
وجاء اليوم الموعود (أو الليلة الموعودة ) أخيرًا. بأفضل ملابسه جلس وانْ هُو أمام أدوات التحكم في سيارته النجمية والقمر أمام بصره. أعطى المسؤول السامي الأمر، فقام 47 خادمًا بإضاءة فتيل الصواريخ البالغ عددها 47 صاروخًا، وعلى الفور سارع الخدم للاختباء، بعد بضع ثوان دوّى انفجار مذهل، بمجرد أن تبددت سحابة كثيفة اندفع مساعدو وانْ هُو إلى نقطة الانفجار، فلم يجدوا أثرًا لسيدهم، لم يتبقَ سوى القليل من وانْ هو الذي ظنوا للحظة أنه قد نجح.
ومع ذلك، تقول الروايات البديلة للقصة إن الموظف السامي قد تم العثور عليه متفحّماً بالفعل، فيما مصادر أخرى تقول إنه لم يعد وهو يبحث عن أراض لغزوها، لكنه كان مجرد رجل صيني نصف مجنون ولديه شغف بالنجوم والقمر. في بعض الأحيان كان بطائرة ورقية نفاثة يقوم برحلاته المميتة.
ومع كل هذه المصادر المتنوعة، فإن رواية أوّل رائد فضاء هذه بدأت تصبح أكثر فأكثر غموضًا.
أسطورة تجد أصولها في الغرب!
وإذا كان وانْ هُو قد وجد نفسه متفحّمًا فلا بد أن تظل هناك آثار أو على الأقل شهادات عن محاولته. كانت الإدارة في ظل سلالة مينغ متطورة للغاية، ومع ذلك لا يوجد شيء في الأرشيف. في الواقع لا ينبغي البحث عن مصادر في الصين، ولكن في أماكن أقرب بكثير، وبشكل أكثر دقة في الغرب، في وثائق حديثة إلى حد ما.
يرجع تاريخ أول إشارة معروفة عن الصيني وانْ هُو في الواقع إلى عام 1919، خلال فترة افتتان الغرب بآسيا. ظهرت القصة في مقال في المجلة الأمريكية Scientific American، بقلم جون إلفريث واتكينز.
من ناحية أخرى، لا ذكر لـ ”وانْ هو“ بتاتًا في هذه السطور، فقد ظلت القصة كما هي تمامًا، لكن الشخصية الرئيسية تدعى وانغ تو Wang Tu، وهو صيني عاش قبل عدة آلاف من السنين، قبل اختراع الألعاب النارية بوقت طويل. ظهر اسم وانْ هُو الذي يمكن ترجمته بـ ”ثعلب مجنون“ في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي داخل العديد من المجلات الأمريكية في النسخ التي نعرفها.
قصة تتنامى باستمرار
في عام 1970، على سبيل المثال، سُمّيت فوهة بركان على القمر باسم وانْ هُو. اختبرت إحدى حلقات برنامج MythBusters كرسي الصاروخ سيئ السمعة في عام 2004، وكانت النتائج مشابهة للأسطورة: انفجار كبير وإبادة كاملة للدمية.
تحدث الفيزيائي الشهير جان بيير لومينيت عن ذلك في مدونته، دون أن يقول بوضوح إننا نتعامل مع قصة مفبركة خارج الصين، ولا بد أن يضيف هذا مزيدًا من الغموض.
في بلاد وانْ هُو أصبحت قصة الموظف السامي أسطورية تقريبًا، فقد قام برنامج تلفزيوني صيني بإجراء حسابات وتوصل إلى استنتاج مفاده أن وانْ هو كان بإمكانه فقط أن يرتفع ثلاثين سنتمترًا قبل أن يطير نحو سماوات أخرى، وبالتالي نجد العديد من الإشارات في آسيا إلى هذه القصة التي تعتبر مع ذلك قصة أوروبية للغاية.
في الثقافة الشعبية، الغربية والآسيوية على السواء، تستمر الأسطورة في التكرار والانتشار، بل وفي بعض الأحيان على محمل الجد حقًا.
تزعم مصادر عديدة أن وانْ هُو Wan Hu ببساطة هو أول رائد فضاء في التاريخ، لكن كما رأينا، لا يقين لنا في هذا الزعم، لذلك دعونا نكون حذرين بشأن ما نواجهه على الإنترنت، سيما القصص المغرية جدًا التي لا تخلو من جنون أحيانًا.