أكد المحلل السياسي عمر عساف، أن تصريحات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، التي يصر فيها على استمرار الحرب “لهزيمة حركة حماس”، تعكس فشلًا ذريعًا له ولجيشه وأجهزته الأمنية في تحقيق الأهداف التي أعلنوا عنها منذ بداية العدوان على غزة، والتي تتمثل في: تحرير الأسرى، القضاء على المقاومة وتحديدًا حركة حماس، وتهجير الشعب الفلسطيني، لم يتحقق أي منها.
وأشار عساف في تصريح خاص نقله موقع غزة بوست عن شبكة الخامسة للأنباء، إلى أن إصرار نتنياهو على مواصلة الحرب لا يعبر عن قوة، بل يعكس أزمة عميقة يعيشها في ظل اعتراف العديد من القادة العسكريين بأن الجيش استنفد قدراته، ولا توجد أهداف عسكرية متبقية في غزة، بينما خرج جيش الاحتلال منهكًا بعد شهور طويلة من القتال.
وأضاف أن نتنياهو يسعى لتوسيع رقعة الحرب، كما يظهر في دعوته لتجنيد عشرات الآلاف من الجنود، معتبرًا أن هذا التصعيد لا يبدو موجهًا لتحقيق أهداف عسكرية بقدر ما هو محاولة للهروب من المساءلة القانونية والشخصية، في ظل الاتهامات التي تلاحقه والفشل في إدارة الحرب.
ولفت عساف إلى أن إقالة نتنياهو لعدد من قادة الأجهزة الأمنية، ووزير الدفاع، ورئيس “الشاباك”، كلها مؤشرات على أزمة داخلية متفاقمة، وأنه يحاول من خلال استمرار القتال أن يحمي نفسه سياسيًا، ويبقي الأضواء بعيدًا عن ملفات الفساد والفشل التي تلاحقه، حتى لو كان الثمن مزيدًا من الدماء والدمار.
وفي سياق متصل، أكد أن تصريحات نتنياهو تعكس إصرارًا صهيونيًا على الاستمرار في جريمة الإبادة الجماعية، وتعميقها من خلال التجويع، حيث يُمنع إدخال المواد الغذائية منذ أكثر من شهرين، مما يؤثر بشكل كبير على سكان قطاع غزة.
ودعا المحلل السياسي عمر عساف المحكمة العليا الدولية إلى النظر لهذه الجرائم بعين الاعتبار، وتحميل إسرائيل والولايات المتحدة المسؤولية عنها، خاصة وأن الولايات المتحدة توفر الحماية للاحتلال، مما يزيد من خطورة الوضع على سكان غزة في ظل غياب المواد الغذائية والوقود وكل ما يساعد على الحياة.
وعبر عن أسفه لخذلان النظام الرسمي العربي والإسلامي خلال 18 شهرًا من الحرب، حيث لم تتجاوز القمم التي عُقدت بيانات الإدانة والاستنكار، مما شجع الاحتلال على التمادي في عدوانه، مشيرًا إلى أن الحراكات الشعبية المتواضعة في بعض الدول العربية لا ترتقي إلى المستوى المطلوب لمواجهة جرائم الاحتلال، ولا تعبر عن الوفاء للشهداء أو القيم الإنسانية.
وأكد عساف أن الأمل يكمن في التحركات الشعبية في دول العالم، مثل الجامعات والشوارع في أوروبا وأمريكا، التي قد تضغط على حكوماتها لوقف هذه المجازر، بينما لا يُعوّل على النظام الرسمي العربي في هذا الصدد.
وتابع عساف حديثه قائلا: “إن التصريحات الأخيرة لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو تندرج ضمن محاولات ابتزاز المقاومة الفلسطينية، مستغلًا حرصها على أبناء الشعب الفلسطيني وسعيها لتخفيف معاناتهم، بهدف انتزاع تنازلات إضافية، و أن المقاومة حددت خطوطًا حمراء واضحة، مشددًا على أنها “لن ترفع الراية البيضاء ولن تستسلم”، داعيًا نتنياهو إلى وقف العدوان وجرائم الإبادة الجماعية، والتوجه إلى اتفاق لوقف إطلاق النار”.
وأضاف: “أن المقاومة قد تُبدي مرونة في الشكل، لكنها لن تتنازل عن المضمون، الذي يتضمن انسحاب قوات الاحتلال من الأراضي الفلسطينية، وتبادلًا للأسرى يعيد الأسرى الفلسطينيين إلى ذويهم”.
وحول مستقبل صفقة التبادل، لفت عساف إلى أن تصريحات نتنياهو قد تُعطل الصفقة أو تؤثر عليها مؤقتًا، لكنه رجّح استمرار المفاوضات، خاصة في ظل زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المرتقبة للمنطقة، والتي قد تمثل ضغطًا إضافيًا على الاحتلال لوقف جرائمه، وأنها لا يمكن أن تكون بمعزل عن تطورات العدوان على قطاع غزة، مشيرًا إلى أن ترامب يسعى، بمنطق التاجر، للحصول على دعم مالي ضخم من دول الخليج، وخاصة السعودية، وهو ما يفرض تهدئة ميدانية تسبق أو تتزامن مع الزيارة.
وأضح المحلل السياسي عمر عساف إن زيارة ترامب المرتقبة للمنطقة تستوجب وقف العدوان على غزة، وأن استمرار المجازر يتعارض مع أي تحرك سياسي جاد، لافتاً إلى أن السعودية أبلغت واشنطن بعدم طرح ملف التطبيع، ما يزيد من الضغط السياسي، خاصة في ظل المفاوضات مع إيران.
ورجّح عساف أن تشهد غزة تهدئة مؤقتة أو وقفًا لإطلاق النار قبيل زيارة ترامب، في ظل الضغوط الدولية المتزايدة والرغبة الأميركية في تهدئة الأوضاع قبل أي تحرك دبلوماسي كبير، مؤكدًا أن الدعم السياسي الذي منحه ترامب لنتنياهو لم يكن بلا شروط، وأن الأخير فشل في تحقيق أي من أهدافه المعلنة.
واختتم عساف حديثه قائلا: “إن اليوم التالي بعد وقف إطلاق النار وانسحاب الاحتلال سيكون أيضًا يومًا فلسطينيًا مقاومًا”، مؤكدًا أن الشعب الفلسطيني لا يزال يحتضن المقاومة، ويعتبرها طريق الخلاص رغم التضحيات، وأن المقاومة أثبتت يومًا بعد يوم أنها الرقم الصعب الذي يمنع الوصاية والتدخلات، سواء من الاحتلال أو من جهات خارجية
التعليق على هذا الموضوع