الرئيسية
أسرى
الاحتلال اعتقل 1630 طفلا من الضفة والعشرات من غزة
نشر بتاريخ: 20/11/2025
( آخر تحديث: 20/11/2025 الساعة: 11:42 )
الاحتلال اعتقل 1630 طفلا من الضفة والعشرات من غزة
شارك
رام الله- معا- قالت مؤسسات الأسرى (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان) بمناسبة يوم الطفل العالمي، إن منظومة الاحتلال الإسرائيلي، تمارس عمليات تدمير جسدية ونفسية بحقّ الأسرى الأطفال عبر جملة من السياسات الممنهجة، فعلى مدار العقود الماضية، ظلّ الطفل الفلسطيني واحدًا من أكثر الفئات تعرضًا للانتهاكات الإسرائيلية، سواء عبر القتل والإصابة، أو الحرمان من التعليم، أو الاقتحامات الليلية، أو الاعتقال الذي طال عشرات الآلاف من القاصرين منذ بداية الاحتلال.
واضافت “إذ لم يكن الطفل يومًا بمنأى عن سياسات القمع، بل كان دائمًا في قلب المواجهة، يدفع ثمن وجوده في واقع مُحكم بالسيطرة الاستعمارية، التي لا تفرّق بين كبير وصغير. ومع ذلك، فإن ما جرى منذ بدء حرب الإبادة، شكّل نقطة تحوّل خطيرة وغير مسبوقة، إذ انتقل الاحتلال من مستوى متواصل من الانتهاك إلى مستوى تصاعدي ومنهجي يستهدف الطفولة بكثافة أكبر، وذلك في إطار حرب الإبادة التي قتل فيها الاحتلال عشرات الآلاف من الأطفال الفلسطينيين، وشكّلت قضية الأسرى، ومنها قضية الأسرى الأطفال امتداداً لحرب الإبادة المستمرة”.
فمنذ اندلاع الحرب، سجلت المؤسسات الحقوقية أكثر من 1,630 حالة اعتقال لأطفال في الضفة بما فيها القدس خلال فترة زمنية قصيرة، إضافة إلى العشرات من أطفال غزة الذين تم اعتقالهم أثناء الحرب ومورس بحقهم جرائم منظمة، وإخفاء قسري، ومنع من الزيارات التي حالت دون معرفة أعدادهم الدقيقة، وهذه المعطيات توضح حجم التصعيد، واتساع دائرة الاستهداف للأطفال.
فهؤلاء الأطفال لم يُعتقلوا في سياقات معزولة أو وفق إجراءات قانونية، بل جرى اقتيادهم بعد عمليات اقتحام، أو خلال المواجهات، أو من الحواجز والشوارع، أو حتى من المدارس ومحيطها.
ويقبع اليوم داخل سجون الاحتلال نحو 350 طفلاً معتقلاً بينهم طفلتان، في ظروف تتعارض تمامًا مع كل المعايير الدولية الخاصة بحماية القاصرين، ويواجهون جرائم التعذيب، والتجويع، والجرائم الطبية، وعمليات السلب والحرمان الممنهجة، إضافة إلى العزل الجماعي.
وكان الأطفال الأسرى جزءًا مباشرًا من السياسات الانتقامية التي صعّدها الاحتلال داخل السجون، إذ تؤكد شهادات حديثة لأطفال محرَّرين أنّ سلطات الاحتلال تعمّدت منذ الساعات الأولى لعزلهم الكامل عن باقي الأقسام، وقد وثّقت عشرات الشهادات تعرّضهم للضرب المبرح، والإيذاء المباشر خلال فترات احتجازهم، في ظل ظروف قاسية ومهينة. وتشير البيانات الموثّقة إلى أنّ الغالبية الساحقة من الأطفال المعتقلين واجهوا شكلاً واحدًا على الأقل من التعذيب الجسدي أو النفسي، ضمن منظومة مدروسة من الانتهاكات التي تتعارض بشكل صارخ مع القانون الدولي، والأعراف الإنسانية، وكافة الاتفاقيات الخاصة بحماية الطفل وحقوقه.
إن طبيعة الانتهاكات والجرائم التي يتعرض لها الأطفال منذ لحظة الاعتقال الأولى تُظهر أن الاحتلال يتعامل معهم بوصفهم “خطرًا أمنيًا” لا أطفالًا يحتاجون إلى حماية ورعاية. فمن العنف أثناء الاقتحام، إلى التقييد المفرط، إلى النقل القاسي داخل “البوسطات”، ثم التحقيق معهم دون حضور محامٍ أو أحد أفراد العائلة، وصولًا إلى الزنازين المكتظة، وغياب الرعاية الصحية، ومنع الزيارات، وحرمانهم من التعليم. علماً أن هذه الإجراءات لم تكن جديدة، لكنها بعد حرب الإبادة، أصبحت أشد قسوة، وأكثر اتساعًا، وأعمق أثرًا على حياة الأطفال المعتقلين.
لحظات الاعتقال الأولى
تبدأ لحظة الاعتقال في ساعات الفجر الأولى، حين تقتحم قوات الاحتلال الإسرائيلي المنازل بلا إنذار، حيث تستيقظ العائلات على الصدمات الأولى: أصوات الانفجارات، تحطيم الأبواب، وصرخات الجنود التي تملأ أرجاء المنزل، ليجد الأطفال أنفسهم فجأة أمام مشهد مرعب يفوق قدرة فهمهم أو إدراكهم. يُفتح الباب بالقوة، ويُفرض على الأطفال النهوض على الفور، غالبًا وهم يرتدون ملابس النوم، فيما يُجبرون على الوقوف في صمت أو الجلوس على الأرض ربما لساعات. خلال هذه المرحلة، يتم انتزاع الوثائق الشخصية والهواتف، ويُبلغ الطفل وعائلته بقرار الاعتقال، دون أي تفسير واضح أو تهمة محددة. وغالبًا ما يُرفض إعطاء الأطفال المصابين أو المرضى أدويتهم أو السماح لهم بتلقي الرعاية الطبية الضرورية إلا بعد وقت طويل.
وبعد ذلك، يتم نقل الأطفال إلى خارج المنزل، نحو الجيبات العسكرية، حيث يُقيّدون بالأصفاد، ويُمنعون من الحركة أو الكلام، مع التعرض للضرب أو الركل أحيانًا أثناء التحرك لمسافات طويلة بين نقاط التفتيش والمراكز العسكرية، لتبدأ مرحلة الإخفاء القسري الأولى التي تمنع العائلة من معرفة مكان الطفل أو حالته، كما جرى مع عشرات الأطفال في غزة.
مرحلة التحقيق.. مساحات ضيقة وانتهاكات لا تتوقف
تشكل مرحلة التحقيق واحدة من أكثر المراحل قسوة في تجربة اعتقال الأطفال داخل سجون الاحتلال، حيث تُدار ضمن بيئة تهدف إلى كسر إرادتهم وانتزاع اعترافات منهم. يُحتجز الأطفال في ظروف تفتقر لأدنى مقومات الحياة، ويُخضعون لساعات طويلة من الاستجواب المتواصل دون حضور ذويهم أو محامٍ، وتشير شهادات كثيرة إلى أن هذه المرحلة تُستغل لترهيب الطفل نفسيًا ودفعه للاعتراف تحت وطأة العزل والخوف. خلال فترة التحقيق يُنقل الأطفال إلى غرف مغلقة وقاسية، ويُحرمون من النوم والراحة، ويخضعون لضغوط متواصلة، وتتم هذه الممارسات بصورة تكرّس واقعًا يتجاهل بشكل كامل خصوصية الطفل القانونية وحقه في المعاملة الإنسانية. وهكذا تتحول فترة التحقيق من إجراء يفترض أن يكون قانونيًا إلى مساحة انتهاك ممنهج يترك آثارًا عميقة على الأطفال ومستقبلهم.
الأطفال الأسرى في سجون الاحتلال يواجهون جرائم منظمة
تشكّل الحياة اليومية للأطفال داخل سجون الاحتلال منظومة قمعية وسالبة للطفولة، وقد ازدادت حدّةً بعد حرب الإبادة، حيث يجد الأطفال أنفسهم في بيئات مغلقة وقاسية تفتقر لأبسط مقومات العيش. يعيشون في غرف مكتظة ورديئة التهوية، بملابس قليلة وأغطية مهترئة، ومع تقييد شبه كامل لحركتهم داخل الأقسام. وتُصادر أدواتهم الشخصية، ويُحرمون من التواصل مع عائلاتهم بشكل شبه تام عبر الزيارات أو الاتصالات، ما يعمّق عزلتهم عن العالم الخارجي، ويتركهم في مواجهة ظروف قاسية دون أي دعم نفسي أو عائلي، ويواجهون الاقتحامات وعمليات القمع المتكررة لغرفهم، عبر قوات خاصة من جيش الاحتلال.
أما على صعيد الرعاية الصحية، فقد تصاعدت الجرائم الطبية بحقّ الأطفال منذ بدء حرب الإبادة، ونتيجة للإجراءات التي فرضتها منظومة السجون على الأسرى وحرمانهم من أدوات النظافة التي أدت إلى انتشار واسع للأمراض الجلدية وفي مقدمتها السكابيوس (الجرب) نتيجة الاكتظاظ وغياب النظافة، يُضاف إلى ذلك الحرمان الكلي من العلاج، وتأخير العلاج، والاكتفاء بمسكنات لا تلائم وضعهم الصحي، ورفض نقل الحالات المتدهورة للمستشفيات. إلى جانب كل هذا يواجه الأطفال جريمة التجويع التي أثرت بشكل كبير على حالتهم الصحية، وتسببت لهم بأمراض.
قضية الشهيد الطفل الأسير وليد أحمد من بلدة سلواد
شكّلت قضية الطفل وليد خالد أحمد من بلدة سلواد/ رام الله، والذي استشهد في سجن “مجدو” في شهر آذار/ مارس 2025، جرّاء جوعاً، إلى جانب سياسات الحرمان، والتنكيل، وهو من بين العشرات من الأسرى والمعتقلين الذين ارتقوا بعد حرب الإبادة، جرّاء جملة الجرائم وأبرزها جرائم التعذيب، والتجويع كما في حالة الأسير وليد أحمد من سلواد، واستناداً إلى تقرير التشريح الذي صدر، حيث أظهرت التقارير الطبية “وجود انتفاخ هوائي، وتكتلات هوائية كثيفة تمتد إلى غشاء القلب، والرقبة وجدار الصدر والبطن والأمعاء، إلى جانب وجود ضمور شديد، وبطن غائر، وغياب تام لكتلة العضلات والدهون تحت الجلد في الجزء العلوي من الجسم والأطراف، هذا عدا عن وجود بقع عديدة من الطفح الجلدي الناتج عن إصابته بالجرب وتحديدا على الأطراف السفلية، ومناطق أخرى من جسده”. كما ويؤكّد تقرير التشريح مرة أخرى أن جريمة التجويع، ومنها الجفاف الناتج عن قلة تناول الماء وفقدان السوائل بسبب الإسهال الناتج عن التهاب القولون، والتهاب في الأنسجة منتصف الصدر بسبب الانتفاخ الهوائي، كلها أسباب مجتمعة أدت إلى استشهاده.
أطفال غزة الأسرى ما بين جريمة الإخفاء القسري وجرائم التعذيب في السجون والمعسكرات
مع بدء حملات الاعتقال في غزة في ضوء حرب الإبادة، والتي طالت بحسب المؤسسات وما تمكنت من رصده، العشرات من الأطفال، إلا أنّ جريمة الإخفاء القسري، والقيود التي فرضت على الزيارات، حالت دون معرفة العدد الدقيق لهم داخل سجون الاحتلال والمعسكرات التابعة للجيش، وكما كافة معتقلي غزة فقد فاقت شهادات وإفادات الأطفال منهم، القدرة على التصور نتيجة لجرائم التعذيب الممنهجة، واستخدامهم كدروع بشرية خلال عمليات الاعتقال، وممارسة بحقهم جرائم طبية، إلى جانب جريمة التجويع، والعزل الجماعي، والاعتداءات الممنهجة، ومنها عمليات القمع والاقتحامات التي تشكل أبرز السياسات التي تستخدم بحقّ الأسرى عموماً، كما أن جزء من هؤلاء الأطفال جرى تحويلهم إلى “مقاتلين غير شرعيين”، القانون الذي استخدمه الاحتلال بحق معتقلي غزة المدنيين، والذي ساهم في ترسيخ جرائم التعذيب الممنهجة، التي أدت إلى استشهاد العشرات من معتقلي غزة.









































































































التعليق على هذا الموضوع