كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت أن التحركات الأمريكية لدفع الأطراف نحو الدخول في المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار تواجه عقبات كبيرة، نتيجة تمسك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحركة حماس بمواقفهما، ما يؤدي إلى إبطاء تنفيذ الاستحقاقات المطلوبة.
فالمرحلة المقبلة تفرض على إسرائيل تقديم تنازلات جوهرية، أبرزها السماح بإدخال مواد مزدوجة الاستخدام اللازمة لإعادة إعمار غزة، وفتح معبر رفح بشكل كامل في الاتجاهين، إلى جانب استكمال انسحاب القوات الإسرائيلية إلى محيط السياج الحدودي. هذه التنازلات تتعارض مع رؤية واشنطن التي تسعى لإحداث تغيير استراتيجي طويل الأمد في غزة، في ظل واقع ميداني تزداد تعقيداته وترسخ بنيته يوماً بعد يوم.
في المقابل، ستكون حماس مطالبة بالتخلي عن حكم القطاع وتفكيك منظومتها العسكرية، بما يشمل ترسانتها تحت الأرض، التي تشير تقديرات إسرائيلية إلى أن جزءاً منها لا يزال قائماً ولم يُدمَّر بالكامل.
وتنقل الصحيفة شهادات من جنود يتمركزون على طول الخط الأصفر، يصفون فيها مشهداً ميدانياً متقلباً، حيث يقولون إنهم يرصدون يومياً تحركات لعناصر مسلحة تابعة لحماس داخل عمق غزة، رغم الهدنة.مصادر مطلعة على عمل غرف التخطيط داخل ما يُعرف بـ”المقر الأمريكي المستقبلي لغزة” في كريات جات تكشف عن مماطلة من الجانبين — الإسرائيلي وحماس رغم انخراط ضباط الجيش الإسرائيلي في تفاصيل خطط إعادة الإعمار، بدءاً من إزالة ملايين الأمتار المكعبة من الركام ووصولاً إلى تصوّر إقامة أحياء فلسطينية جديدة بمحاذاة الخط الأصفر.
وتشير الصحيفة إلى أن النقاشات لم تعد تقتصر على آليات إعادة الإعمار داخل غزة، بل تشمل أيضًا إزالة الأنقاض التي خلّفها الجيش الإسرائيلي في المناطق المتاخمة للخط الأمني، وسط ترجيحات بإسناد هذه المهام لشركات أمريكية متخصصة، بوصفها شرطاً لبدء أي مشروع بناء مستقبلي.
في الوقت ذاته، تقرّ إسرائيل بأن القيادة العليا لحماس تواصل إدارة نشاطاتها من الأنفاق، فيما تتحرك الرتب الأدنى فوق الأرض تحت غطاء مدني، مع ظهور ملامح تدريجية لإعادة عمل البلديات وتكثيف الدوريات، رغم حجم الدمار.
وتدعي المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أن حماس تجمع إيرادات يومية ضخمة من الضرائب المفروضة على حركة السلع داخل القطاع، مستفيدة من ارتفاع عدد الشاحنات التي تدخل أسبوعياً إلى نحو 4200 شاحنة.
أما السيناريو المطروح أميركياً وإسرائيلياً، فيتحدث عن إمكانية تشكيل إدارة “تكنوقراطية” تحت إشراف مجلس السلام الدولي، لكنها تضم شخصيات مرتبطة بحماس والسلطة الفلسطينية، ما يعني — وفق تقديرات إسرائيلية — بقاء السيطرة الفعلية للحركة على الأرض.
رغم الهدنة، تسجل الصحيفة أن حماس بدأت بإعادة فتح مؤسسات مدنية كرياض الأطفال والمدارس، والسماح للمواطنين بتنظيم حفلات الزواج، في محاولة لاستعادة ملامح الحياة في غزة.
وتؤكد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن القطاع لا يعاني نقصاً حاداً في المياه أو الغذاء، وأن الوقود والكهرباء متوفران بشكل أفضل بعد إصلاح شبكات الإمداد، مشيرة إلى أن أي قوة أجنبية مستقبلية ستقتصر مهمتها على الجانب الإسرائيلي من الخط الأصفر دون الدخول في مواجهة مباشرة مع حماس.
ويخلص التقرير إلى أن الضغوط الأمريكية، رغم زخمها، تصطدم بحقيقة تقاطع المصالح بين نتنياهو وحماس، الأمر الذي يجعل مسار الانتقال للمرحلة الثانية أكثر بطئاً وتعقيداً مما تتوقعه واشنطن.


































































































التعليق على هذا الموضوع